كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
في الأسماء كسمور وتنور وهبود اسم جبل باليمامة وأما في الصفات فنادر جدا ومنه سبوح بفتح السين السلام ذو السلامة من كل نقص وآفة مصدر وصف به للمبالغة وعن الجبائي هو الذي ترجى منه السلامة وقيل : أي الذي يسلم على أوليائه فيسلمون من كل مخوف المؤمن قيل : المصدق لنفسه ولرسله عليهم السلام فيما بلغوه عنه سبحانه إما بالقول أو بخلق المعجزة أو واهب عباده الأمن من الفزع الأكبر أو مؤمنهم منه إما بخلق الطمأنية في قلوبهم أو بإخبارهم أو لا خوف عليهم وقيل : مؤمن الخلق من ظلمه وقال ثعلب : المصدق المؤمنين في أنهم آمنوا وقال النحاس : في شهادتهم على الناس يوم القيامة وقيل : ذو الأمن من الزوال لاستحالته عليه سبحانه وقيل : غير ذلك وقرأ الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم وقيل أبو جعفر المدني المؤمن بفتح الميم على الحذف والإيصال كما في قوله تعالى : واختار موسى قومه أي المؤمن به
وقال أبو حاتم : لا يجوز إطلاق ذلك عليه تعالى لإيهامه ما لا يليق به سبحانه إذ المؤمن المطلق من كان خائفا وآمنه غيره وفيه أنه متى كان ذلك قراءة ولو شاذة لا يصح هذا لأن القراءة ليست بالرأي المهيمن الرقيب الحافظ لكل شيء مفعيل من الأمن بقلب همزته هاءا وإليه ذهب غير واحد وتحقيقه كما في الكشف أن أيمن على فيعل مبالغة أمن العدو للزيادة في البناء وإذا قلت : أمن الراعي الذئب على الغنم مثلا دل على كمال حفظه ورقبته فالله تعالى أمن كل شيء سواه سبحانه على خلقه وملكه لإحاطة علمه وكمال قدرته عز و جل ثم استعمل مجرد الدلالة بمعنى الرقيب والحفيظ على الشيء من غير ذكر المفعول بلا واسطة للمبالغة في كمال الحفظ كما قال تعالى : ومهيمنا عليه وجعله من ذاك أولى من جعله من الأمانة نظرا إلى أن الأمين على الشيء حافظ له إذ لا ينبيء عن المبالغة ولا عن شمول العلم والقدرة وجعله في الصحاح اسم فاعل من آمنه الخوف على الأصل فأبدلت الهمزة الأصلية ياءا كراهة اجتماع الهمزتين وقلبت الأولى هاءا كما في هراق الماء وقولهم في إياك : هياك كأنه تعالى بحفظه المخلوقين صيرهم آمنين وحرف الأستعلاء كمهيمنا عليه لتضمين معنى الأطلاع ونحوه وأنت تعلم أن الأشتقاق على ما سمعت أولا أدل والخروج عن القياس فيه أقل وظاهر كلام الكشف أنه ليس من التصغير في شيء
وقال المبرد : إنه مصغر وخطيء في ذلك فإنه لا يجوز تصغير أسمائه عز و جل العزيز الغالب
وقيل : الذي لا مثل له وقيل : الذي يعذب من أراد وقيل : الذي عليه ثواب العاملين وقيل : الذي لا يحط عن منزلته وقيل : غير ذلك الجبار الذي جبر خلقه على ما أراد وقسرهم عليه : ويقال في فعله : أجبر وأمثلة المبالغة تصاغ من غير الثلاثي لكن بقلة وقيل : إنه من جبره بمعنى أصلحه ومنه جبرت العظم فانجبر فهو الذي جبر أحوال خلقه أي أصلحها وقيل : هو المنيع الذي لا ينال يقال للنخلة إذا طالت وقصرت عنها الأيدي : جبارة وقيل : هو الذي لا ينافس في فعله ولا يطالب بعلة ولا يحجر عليه في مقدوره
وقال ابن عباس : هو العظيم وقيل : غير ذلك المتكبر البليغ الكبرياء والعظمة لأنه سبحانه بريء من التكلف الذي تؤذن به الصيغة فيرجع إلى لازمه من أن الفعل الصادر عن تأنق أقوى وأبلغ أو الذي