كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصانا سبحان الله عما يشركون
23
- تنزيه لله تعالى عما يشركون به سبحانه أو عن إشراكهم به عز و جل إثر تعداد صفاته تعالى التي لا يمكن أن يشارك سبحانه في شيء منها أصلا هو الله الخالق المقدر للأشياء على مقتضى الحكمة أو مبدع الأشياع من غير أصل ولا احتذاء ويفسر الخلق بإيجاد الشيء من الشيء الباريء الموجد لها بريئة من تفاوت ما تقتضيه بحسب الحكمة والجبلة وقيل : المميز بعضها عن بعض بالأشكال المختلفة المصور الموجد لصورها وكيفياتها كما أراد
وقال الراغب : الصورة ما تنتقش بها الأعيان وتتميز بها عن غيرها وهي ضربان : محسوسة تدركها العامة والخاصة بل الإنسان وكثير من الحيوانات كصورة الفرس المشاهدة ومعقولة تدركها الخاصة دون العامةكالصورة التي اختص الإنسان بها من العقل والروية والمعاني التي خص بها شيء بشيء وإلى الصورتين أشار بقوله سبحانه : خلقناكم ثم صورناكم إلى آيات أخر انتهى فلا تغفل
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وحاطب بن أبيبلتعة والحسن وابن السمقيع المصور بفتح الواو والنصب على أنه مفعول للباريء وأريد به جنس المصور وعن علي كرم الله تعالى وجهه فتح الواو وكسر الراء على إضافة اسم الفاعل إلى المفعول نحو الضارب الغلام وفي الخانية إن قراءة المصور بفتح الواو هنا تفسد الصلاة ولعله أراد غذا أجراه حينئذ على الله سبحانه وإلا ففي دعوى الفساد بعد ما سمعت نظر
له الأسماء الحسنى الدالة على محاسن المعاني يسبح له ما في السماوات والأرض من الموجودات بلسان الحال لما تضمنته من الحكم والمصالح التي يضيق عن حصرها نطاق البيان أو بلسان المقال الذي أوتيه كلمنها حسبما يليق به على ما قاله كثير من العارفين وقد تقدم الكلام فيه وهو العزيز الحكيم
24
- الجامع للكمالات كافة فإنها مع تكثرها وتشعبها راجعة إلى كمال القدرة المؤذن به العزيز بناءا على تفسيره بالغالب وإلى كمال العلم المؤذن به الحكيم بناءا على تفسيره بالفاعل بمقتضى الحكمة وفي ذلك إشارة إلى التحلية بعد التخلية كما في قوله تعالى : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فتأمل ولا تغفل
ولهذه الآيات فضل عظيم كما دلت عليه عدة روايات وأخرج الإمام أحمد والدارمي والترمذي وحسنه والطبراني وابن الضريس والبيهقي في الشعب عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : من قال : حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل اللهبه سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات ذلك اليوم مات شهيدا ومن قالها حين يمسي بتلك المنزلة
وأخرج الديلمي عن ابن عباس مرفوعا اسم الله الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر
وأخرج أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فرائده عن محمد بن الحنفية أن البراء بن عازب قال لعليابن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه : أسألك بالله إلا ما خصصتني بأفضل ما خصك به رسول الله عليه الصلاة و السلاممما خصه به جبريل مما بعث به الارحمن عز و جل قال : يا براء إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أولالحديد عشر آيات وآخر الحشر ثم قل : يا منهو هكذا وليس شيء هكذا غيره أسألك أن تفعل لي كذا وكذا فو الله يا براء لو دعوت علي لخسف بي

الصفحة 64