كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

في موضع الحال و أعلم أفعل تفضيل والمفضل عليه محذوف أي منكم وأجاز ابن عطية كونه مضارعا والعلم قد يتعدى بالباء أو هي زائدة و ما موصولة أو مصدرية وذكر ما أعلنتم مع الأستغناء عنه للأشارةإلى تساوي العلمين في علمه عز و جل ولذا قدم ما أخفيتم وفي هذه الحال إشارة إلى أنه لا طائل لهم في إسرار المودةإليهم كأنه قيل : تسرون إليهم بالمودة والحال أني أعلم ما أخفيتم وما أعلنتم ومطلع رسولي على ما تسرون فأي فائدة وجدوى لكم في الإسرار ومنيفعله أي الإسرار
وقال ابن عطية وجمع : أي الأتخاذ منكم فقد ضل سوآالسبيل
1
- أي الطريق المستوي والصراط الحق فإضافة سواء من إضافة الصفة إلى الموصوف ونصبه على المفعول به لضل وهو يتعدى كأضل وقيل : لا يتعدى و سواء ظرف كقوله
كماعسل الطريق الثعلب
إن يثقفوكم أي إن يظفروا بكم وأصل الثقف الحذق في إدراك الشيء وفعله ومنه رجل ثقف لقف وتجوز به عن الظفر والإدراك مطلقا يكونوا لكمأعدآء أي عداوة يترتب عليها ضرر بالفعل بدليل قوله تعالى : ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء أي بما يسوءكم من القتل والأسر والشتم فكأنه عطف تفسيري فوقوع يكونوا الخ جواب الشرط بالأعتبار الذي أشرنا إليه وإلا فكونهم أعداء للمخاطبين أمر متحقق قبل الشرط بدليل ما في السورة ومثله قول بعضهم : أي يظهروا ما في قلوبهم من العداوة ويرتبواعليها أحكامها وقيل : المراد بذلك لازم العداوة وثمرتها وهو ظهور عدم نفع التودد فكأنهقيل : إن يثقفوكميظهر لكم عدمنفع إلقاء المودة إليهم والتودد لهم وقوله تعالى : وودوا لو تكفرون
2
- عطف على الجوابوهو مستقبل معنى كما هو شأن الجواب ويؤول كما أول سابقه بأن يقال على ما في الكشف المراد ودادةيترتب عليها القدرة علىالرد إلى الكفر أو يقال على ما قالالبعض المراد إظهار الودادة وإجراء ما تقتضيه والتعبير بالماضي وإن كان المعنى على الأستقبال للأشعار بأن ودادتهم كفرهم قبل كل شيء وأنها حاصلة وإن لم يثقفوهم

الصفحة 68