كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
وذكر بعض الأجلة أنه لا خلاف في جواز أن يبدل من ضمير المخاطب بدلالكل فيما يفيد إحاطة كما في قوله تعالى : تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وجعل ما هنا من ذلك وفيه خفاء وجملة لقد كان الخقيل : تكرير لما تقدممن المبالغة في الحث على الأئتساء بإبراهيم عليه السلام ومن معه ولذلك صدرت بالقسم وهو على ما قال الخفاجي : إن لم ينظر لقوله تعالى : إذ قالوا فإنه قيد مخصص فإن نظر له كان ذلك تعميما بعد تخصيص وهو مأخوذ منكلام الطيبي في تحقيق أمر هذا التكرير
والظاهر أن هذا مقيد بنحو ما تقدم كأنه قيل : لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة إذ قالوا الخ وفي قوله سبحانه : لمنكان الخ إشارة إلى أنمن كان يرجو الله تعالى واليوم الآخر لا يترك الأقتداء بهم وإنتركه من مخايل عدم رجاء الله سبحانه واليوم الآخر الذي هو من شأن الكفرة بل مما يؤذن بالكفرة كما ينبيء عن ذلك قوله تعالى : ومن يتولى فإن الله هو الغني الحميد
6
- فإنه مما يوعد بأمثاله الكفرة
عسى الله أن يجعل بينكموبين الذين عاديتم منهم أي من أقاربكم المشركين مودة بأن يوافقوكم في الدين وعدهم الله تعالى بذلك لما رأى منهم التصلب في الدين والتشدد في معاداة آبائهم وأبنائهم وسائر أقربائهمومقاطعتهم إياهم بالكلية تطييبا لقلوبهم ولقد أنجز الله سبحانه وعده الكريم حين أتاح لهم الفتح فأسلم قومهمفتم بينهم من التحاب والتصافي ما تم ويدخل في ذلك أبو سفيان وأضرابه منمسلمة الفتح من أقاربهم المشركين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر من طرق الكلبي عن أبيصالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : كانت المودة التي جعل الله تعالىبينهم تزوج النبيصص أم حبيبة بنت أبي سفيان فصارتت أم المؤمنين وصار معاوية خال المؤمنين وأنت تعلم أن تتزوجها كان وقت هجرة الحبشة ونزول هذه الآيات سنة ست من الهجرة فما ذكر لا يكاد يصح بظاهره وفي ثبوته عن ابن عباس مقال والله قدير مبالغ في القدرة فيقدر سبحانه على تقليبالقلوب وتغيير الأحوال وتسهيل أسباب المودة والله غفور مبالغ في المغفرة فيغفر جل شأنه لمافرط منكم في موالاتهم رحيم
7
- مبالغ في الرحمة فيرحمكم عز و جل بضم الشمل واستحالة الخيانة ثقة وانقلاب المفت مقة وقيل : يغفر سبحانه لمنأسلم من المشركين ويرحمهم والأول أفيد وأنسب بالمقام
لا ينهاكم اللهعن الذين يقاتلونكمفي الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم أي لا ينهاكم سبحانه وتعالى على البر بهؤلاء كما يقتضيه كون أن تبروهم بدل اشتمال من الموصول وتقسطوا إليهم أي تفضوا إليهم بالقسط أي العدل فالفعل مضمن معنى الأفضاء ولذا عدي بإلى إن الله يحب المقسطين
8
- أي العادلين
أخرج البخاري وغيره عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنها قالت : أتتني أمي راغبة وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسألت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أأصلها فأنزل الله تعالى لا ينهاكم الله الخ فقال عليه الصلاة و السلام : نعم صلي أمك وفي رواية الإمام أحمد وجماعة عن عبد الله بن الزبير قال : قدمت قتيلة بنتعبد العزي على ابنتهاأسماء بنت أبي بكر بهدايا :