كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
أخرج ابن المنذر والطبراني في الكبير وابن مردويه بسند حسن وجماعة عن ابن عباس أنه قال في كيفية امتحانهن : كانت المرأة إذا جاءت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حلفها عمر رضي الله تعالى عنه بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض وبالله ما خرجتمن بغض زوج وبالله ما خرجت التماس دنيا وما خرجت إلا حبا للهورسوله وفي رواية عنه أيضا كانتمحنة النساء أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمر عمر ابن الخطاب فقال : قل لهن إن رسول الله عليه الصلاة و السلام بايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا الخ الله أعلم منكل أحد أو منكم بإيمانهن فإنه سبحانه هو المطلع على ما في قلوبهن والجملة اعتراض فإن علمتموهن أي ظننتموهن ظنا قويا يشبه العلم بعد الأمتحان مؤمنات في نفس الأمر فلا ترجعوهن إلى الكفار أي إلى أزواجهن الكفرة لقوله تعالى : لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن فإنه تعليل للنهي عن رجعهن إليهم والجملة الأولى لبيان الفرقة الثابتة وتحقق زوال النكاح الأول والثانية لبيان امتناع ما يستأنف ويستقبل من النكاح ويشعر بذلك التعبير بالأسم في الأولى والفعل في الثانية
وقال الطيبي في وجه اختلاف التعبيرين : إنه أسندت الصفة المشبهة إلى ضمير المؤمنات في الجملة الأولى إعلاما بأن هذا الحكم يعني نفي الحل ثابت فيه الأخلال والتغيير من جانبهن وأسند الفعل إلى ضمير الكفار إيذانا بأن ذلك الحكم مستمر الأمتناع في الأزمنة المستقبلة لكنه قابل للتغير باستبدال الهدى بالضلال وجوز أن يكون ذلك تكريرا للتأكيد والمبالغة في الحرمة وقطع العلاقة وفيه من أنواع البديع ما سماه بعضهم بالعكسوالتبديل كالذي في قوله تعالى : هن لباس لكموأنتم لباس لهن ولعل الأول أولى واستدل بالآية على أن الكفار مخاطبون بالفروع كما في الأنتصاف والقول : بأن المخاطب في حق المؤمنة هي وفي حق الكافر الأئمة بمعنى أنهم مخاطبون بأن يمنعوا ذلك الفعل من الوقوع لا يخفى حاله وقرأ طلحة لا هن يحللن لهم وآتوهم ما أنفقوا أي وأعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن منالمهور قيل : وجوبا وقيل : ندبا رويأنه صلى الله تعالى عليه وسلم عام الحديبية أمر عليا كرم الله تعالى وجهه أن يكتب بالصلح فكتب : باسمك اللهم هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين تأمن فيه الناسويكف بعضهم عن بعض على أن من أتى محمدا منقريش بغير إذن وليه رده عليه ومنجاء قريشا من محمد لم يردوه عليه وأن بيننا عيبة مكفوفة وأن لا إسلال ولا إغلال وأنهمن أحبأن يدخل في عقد محمد وعهده دخلفيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه فرد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أبا جندلابن سهيل ولم يأت رسول الله عليه الصلاة و السلام أحد من الرجال إلا رده في مدة العهد وإن كان مسلما ثم جاء المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكانت أول المهاجرات فخرج أخواها عمار والوليد حتى قدما على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فكلماه في أمرها ليرده عليه الصلاة و السلام إلى قريش فنزلت الآية فلم يردها عليه الصلاة و السلام ثم أنكحها صلى الله تعالى عليه وسلم زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه
وأخرج ابن أبيحاتم عن مقاتل أنه جاءتامرأة تسمى سبيعة بنت الحرق الأسلمية مؤمنة وكانت تحتصيفي بن الراهب وهو مشرك من أهل مكة فطلبوا ردها فأنزل الله تعالى الآية وروي أنها كانت تحت