كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)
مسافر المخزومي وأنه أعطي ما أنفق وتزوجها عمر رضي الله تعالى عنه وفي رواية أنها نزلت في أميمة بنت بشر امرأة من بني عمرو بن عون كانت تحت أبي حسان بن الدحداحة هاجرت مؤمنة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وطلبواردهافنزلت الآية فلم يردها عليه الصلاة و السلام وتزوجها سهيل بن صيف فولدت له عبد الله بن سهيل ولعل سبب النزول متعدد وأيا ما كان فالآية على ما قيل : نزلت بيانا لأن الشرط في كتاب المصالحة إنما كان في الرجال دونالنساء وتراخي المخصص عن العام جائز عند الجبائي ومنوافقه ونسب الزمخشري أن ذلك من تأخير بيان المجمل لأنه لا يقول بعموم تلك الألفاظبل يجعلها مطلقات والحمل على العموم والخصوص بحسب المقام والحنفية يجوزونه لا يقال : إنه شبه التأخير عن وقت الحاجة وهو غير جائز عند الجميع لأن وقت الحاجة أي العملبالخطاب كانبعد مجيء المهاجرات وطلب ردهن لا حين جرت المهادنة مع قريش وهذا ذهب إليه بعضالشافعية أيضا ومنهممن زعم أن العميم كانمنهصص عن اجتهاد أثيب عليه بأجر واحد ولم يقر عليه ومنهم من وافق جمهور الحنفية على النسخ لا التخصيص فمن جوز منهم نسخ السنة بالكتاب قال : نسخ بالآية ومن لم يجوز قال : بالسنة أي امتناعه صلى الله تعالى عليه وسلم من الرد ووردت الآية مقررة لفعله عليه الصلاة و السلام
وعن الضحاك كان بين رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبين المشركين عهد أن لا تاتيك منا امرأة ليست على دينك إلا رددتها إلينا فإن دخلت في دينك ولها زوج أن ترد على زوجها الذيأنفق عليها وللنبي صلى الله تعالى عليه وسلم منالشرط مثل ذلك وعليه فالآية موافقة لما وقع عليه العهد لكن أخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وغيرهما عن قتادة أنه نسخ هذا العهد وهذا الحكم يعني إيتاء الأزواج ما أنفقوا براءة أمانسخ العهد فلماأمرفيها من النبذ وأمانسخ الحكم فلأن الحكم فرع العهد فإذا نسخ نسخ والذي عليه معظم الشافعية أنالغرامة لأزواجهن غير ثابتة وبين ذلك في الكشف على القول بنسخ رد المرأة والقول بالتخصيص والقول : بأن التعميم كان عن اجتهاد لم يقر عليه صلى الله عليه و سلم ثم قال : وأما على قول الضحاك أي السابق فهو مشكل ووجهه أنه حكم فيمخصوصين فلا يعم غير تلك الوقعة على أنه عز و جل خص الحكمبالمهاجرين ولم يبق بعد الفتح هجرة كما ثبت في الصحيح فلا يبقى الحكم ولا جناح عليكمأن تنكحوهن أي في نكاحهن حيث حالإسلامهن بينهن وبين أزواجهن الكفارإذآ آتيتموهنأجورهن أي وقت إيتائكمإياهن مهورهن فإذا لمجرد الظرفية ويجوز كونها شرطية وجوابها مقدر بدليل ما قبل وعلى التقدير يفهم اشتراطإيتاء المهور في نفي الجناح في نكاحهن وليس المراد بإيتاء الأجورإعطاءها بالفعلبل التزامها والتعهد بها وظاهر هذا مع ما تقدم من قوله تعالى : وآتوهم ما أنفقوا أن هناك إيتاء إلى الأزواج وإيتاء إليهن فلا يقوم ما أوتي إلى الأزواج مقام مهورهن بل لا بد معذلك من إصداقهن وقيل : لا يخلو إماأن يراد بالأجورما كانيدفع إليهن ليدفعنه إلى أزواجهن فيشترط في إباحة تزويجهن أدائه وإماأنيراد أن ذلك إذادفع إليهنعلى سبيل القرض ثم تزوجن على ذلك لم يكنبه بأس وإما أن يبين إليهم أن ما أعطى لأزواجهن لا يقوممقامالمهر وهذاما ذكرناه أولا من الظاهر وهو الأصح في الحكم والوجهان الآخران ضعيفان فقها ولفظا
واحتج أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه بالآية على أن أحد الزوجين إذاخرج من دار الحرب مسلما أو بذمة