كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

وبقي الآخر حربيا وقعت الفرقة ولا يرى العدة على المهاجرة ويبيح نكاحها من غير عدة إلا أن تكون حاملا وهذا للحديث المشهور الذيتجوز بمثله الزيادة على النص من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقينماءه زرع غيره ومذهب الشافعي على ما قيل : إنهلا تقع الفرقة إلا بإسلامها وأما بمجرد الخروج فلا فإن أسلمت قبل الدخول تنجزت الفرقة وبعد الدخول توقفت إلى انقضاء العدة وتعقب الأحتجاج بأن الآية لا تدل على مجموع ما ذكر نعمقد احتج بها على عدمالعدة في الفرقة بخروج المرأة إلينا من دار الحرب مسلمة ووجهبأنه سبحانه نفى الجناح من كل وجهفينكاح المهاجرات بعد إيتاء المهر ولميقيد جل شأنه بمضي العدة فلو لا أن الفرقة بمجرد الوصول إلى دار الإسلام لكان الجناح ثابتا ومع هذا فقد قيل : الجواب على الأصل الشافعية أن رفع الإطلاق ليس بنسخ ظاهر لأن عدم التعرض ليستعرضا للعدم وأما على أصل الحنفية فكسائر الموانع وكونها حاملا بالأتفاق فتأمل ولا تمسكوابعصم الكوافر جمعكافرة وجمع فاعلة على فواعل مطرد وهو وصف جماعة الإناث وقال الكرخي : الكوافر يشمل الإناث والذكور فقال له الفارسي : النحويون لا يرون هذا إلا في الإناث جمع كافرة فقال : أليسيقال : طائفة كافرة فرقة كافرة قالالفارسي : فبهت وفيه أنهلا يقال : كافرة في وصف الذكور إلا تابعا للموصوف أو يكونمحذوفا مرادا أما بغير ذلك فلا تجمع فاعلة على فواعل إلا ويكون للمؤنث قاله أبو حيان و عصم جمع عصمة وهي ما يعتصم به عقد وسبب والمراد نهيالمؤمنين عن أن يكون بينهم الزوجات المشركات الباقية في دار الحربعلقة من علق الزوجية أصلا حتى لا يمنع إحداهن نكاح خامسة أو نكاح أختها في العدة بناءا على أنه لا عدة لهن قالابن عباس : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدن بها مننسائه لأناختلاف الدارين قطع عصمتها منه وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن إبراهيم النخعي أنه قال : نزل قوله تعالى : ولا تمسكوا الخ في المرأة منالمسلمين تلحق بالمشركين فلا يمسك زوجها بعصمتها قد بريء منها
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وسعيد بن جبير محوه وفي رواية أخرى عن مجاهد أنه قال : أمرهم سبحانه بطلاق الباقيات مع الكفار ومفارقتهن ويروى أن عمر رضي الله تعالى عنه طلق لذلك امرأته فاطمة أخت أم سلمة بنتأبي أمية بنالمغيرة المخزومي فتزوجها معاوية بن أبي سفيانوامأته كلثوم بنت جرول الخزاعي فتزوجها أبو جهم بن حذيفة العدوي وكذا طلق طلحة زوجته أرويبنت ربيعة وتعقب ذلك بأنه بظاهره مخالف لمذهب الحنفية والشافعية أما عند الحنفية فلأنالفرقة بنفس الوصول إلى دار الإسلاموأما عند الشافعية فلأن الطلاق موقوف إن جمعتهما العدة تبين وقوعه من حين اللفظ وإلا فالبينونة بواسطة بقاء المرأة في الكفر فظاهر الآية لا يدل على ما في هذه الرواية وقرأ أبو عمرو ومجاهد بخلاف عنه وابن جبير والحسن والأعرج تمسكوا مضارع مسك مشددا والحسن أيضا وابن أبيليلى وأن عامر في رواية عبد الحميد أبو عمرو في رواية معاذ تمسكوا مضارع تمسك محذوف إحدىالتاءين والأصل تتمسكوا
وقرأ الحسن أيضا تمسكوا بكسر السين مضارع مسك ثلاثيا وسئلوا مآ أنفقتم أي واسألواالكفار مهور نسائكم اللاحقات بهم وليسئلوا مآ أنفقواأي ليسألكم الكفار مهور نسائكم المهاجرات إليكم وظاهره أمر الكفار وهومن باب وليجدوا فيكمغلظة فهوأمر للمؤمنين بالأداء مجازا وقيل : المراد

الصفحة 78