كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

وقوعها فيما بينهن مع اختصاص بعضها بهن على ما سمعت أولا فبايعهن بضمان الثواب على الوفاء بهذهالأشياء وتقييد مبايعتهت بما ذكر من مجيئهن لحثهن على المسارعة إليها مع كمال الرغبة فيها من غير دعوة لهن إليه واستغفر لهن الله زيادة على ما في ضمن المبايعة من ضمان الثواب إن الله غفور رحيم
12
- أي مبالغ جل شأنه في المغفرة والرحمة فيغفر عز و جل لهن ويرحمهن إذا وفين بما بايعن عليه وهذه الآية نزلت على ما أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل يوم الفتح فبايع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الرجال على الصفا وعمر رضي الله تعالى عنه يبايع النساء تحتها عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وجاء أنه عليه الصلاة و السلام بايع النساء أيضا بنفسه الكريمة
أخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة والترمذي وصححه وغيرهم عن أميمة بنت رقية قالت : أتيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لنبايعه فأخذ علينا ما في القرآن أن لا نشرك بالله شيئا حتى بلغ ولا يعصينك في معروف فقال : فيما استطعن وأطقن قلنا : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا يا رسول الله ألا تصافحنا قال : إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد عن الشعبي قال : كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا بايع النساء وضع على يده ثوبا وفي بعض الروايات أنه صلى الله تعالى عليه وسلم يبايعهن وبين يديه وأيديهن ثوب قطوى ومن يثبت ذلك يقول بالمافحة وقت المبايعة والأشهر المعول عليه أن لا مصافحة وأخرج ابن سعد وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم يغمس أيديهن فيه وكأنهذا بدلالمصافحة والله تعالى أعلم بصحته
والمبايعة وقعت غير مرة ووقعت في مكة بعد الفتح وفي المدينة وممن بايعنه عليه الصلاة و السلام في مكة هند بنت عتبة زوج أبي سفيان ففي حديث أسماء بنت يزيد بن السكن كنت في النسوة المبايعات وكانت هند بنت عتبة في النساء فقرأ صلى الله تعالى عليه وسلم عليهن الآية فلما قال : على أن لا يشركن بالله شيئا قالت هند : وكيف نطمع أن يقبلمنا مالم يقبله من الرجال يعني أن هذا بين لزومه فلما قال ولا يسرقن قالت : والله إني لأصيب الهنة من مال أبي سفيان لا يدري أيحل لي ذلك فقال أبو سفيان : ما أصبت منشيء فيما مضى وفيماغبر فهو لك حلال فضحك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعرفها فقاللها : وإنك لهند بنت عتبة قالت : نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك فقال : ولا ولا يزنين فقالت : أو تزني الحرة تريد أن الزنا في الإماء بناءا على ما كان في الجاهلية من أن الحرة لا تزني غالبا وإنما يزني في الغالب الإماء وإنماقيد بالغالب لما قيل : إن ذوات الرايات كن حرائر فقال : ولا يقتلن أولادهن فقالت : ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا تعني ما كان من أمر ابنها حنظلة بن أبي سفيان فإنه قتل يوم بدر فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفي رواية أنها قالت : قتلت الآباء وتوصينا بالأولاد ! فضحك فقال : ولا يأتين ببهتان فقالت : والله إن البهتانلأمر قبيح ولا يأمر الله تعالى إلا بالرشد ومكارم الأخلاق فقال : ولا يعصينك في معروف فقالت : والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء وكأن هذا منها دونغيرها من النساء لمكان أم حبيبة رضي الله تعالى عنها من رسول الله

الصفحة 81