كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 28)

ومنه طلب أوس وطأها المكنى عنه بيريدني عن نفسي وذكر ذلك له عليه الصلاة و السلام أهم لها من ذكرها إياه ليوسف بن عبد الله بن سلام
وأجيب من جهة القائل : بأنه الوطء عن الأخير بأن المراد من الآية عند ذلك القائل من قبل أن يباح التماس شرعا والوطء أولا حرام موجب للتكفير وهو كما ترى ونقل عن الثوري ومجاهد أن معنى الآية والذين كانت عادتهم أن يقولوا هذا القول المنكر فقطعوه بالأسلام ثم يعودون لمثله فكفارة منعاد أن يحرر رقبة ثم يماس المظاهر منها فحملا العود والقول على حقيقتهما وفي اعتبار العادة دلالة على أن العدول إلى المضارع في الآية للأستمرار فيما مضى وقتا فوقتا وأخذ القطع من دلالة ثم على التراخي وليصح على وجه لا يلزم تعليق وجوب الكفارة بتكرار لفظ الظهار كما سيأتي إن شاء الله تعالى حكايته
وتعقب ذلك بأن فيه أن الأستمرار ينافي القطع ثم إنهم ما كانوا قطعوه بالأسلام لأن الشرع لم يكن ورد بعد بتحريمه وظاهر النظم الجليل أنه مظاهرة بعد الأسلام لأنه مسوق لبيان حكمه وعليه ينطبق سبب النزول وهو يقتضي أن يكون مجرد الظهار من غير عود موجبا للكفارة وهو خلاف ما عليه علماء الأمصار وأجيب عن هذا الأخير بأنهما إن نقل عنهما ذلك اجتهادا فلا يلزمهما موافقة غيرهما وهو المصرح به في كتاب الأحكام وغيره وإن لم ينقل عنهما غير تفسير العود في الآية بما أشير إليه فيجوز أن يشترطذا لوجوب الكفارة شيئا مما مر لكن لا يقولون : إنه المراد بالعود فيها وقال أهل الظاهر : المعنى الذين يقولون هذا المنكر ثم يعودون له فيكررونه بأن يقول أحدهم أنت علي كظهر أمي ثم يعود له ويقوله ثانيا فكفارته تحرير رقبة الخ فحملوا العود والقول على حقيقتهما أيضا
وروي ذلك عن أبي العالية وبكير بن عبد الله بن الأشج والفراء أيضا وحكاه أبو حيان رواية عنالإمام أبي حنيفة ولا نعلم أحدا من أصحابه رواه عنه وتعقب بأنه لو أريد ذلك لقيل : يعودون لهفإنهأخصر ولا يبقى لكلمة ثم حسن موقع هذا ولا فقه فيه من حيث المعنى والمنزل فيه أعني قصة خولة يدفعه إذ لم ينقل التكرار ولأسأل عنه صلى الله تعالى عليه وسلم وهذا الدفع قوي وأما ما قيل : فقد أجيب عنه بأنه يحتمل أن يكون الفقه فيه أنه صريحا في التحريم فلعله يسبق لفظه به منغير قصد لمعناه فإذا كرره تعين أنه قصده وأن العدول عن له إلى لما قالوا لقصد التأكيد بالأظهار وأن العطف بثم لتراخي رتبة الثاني وبعده عن الأول لأنه الذي تحقق به الظهار وقول الزيلعي في الأعتراض عليه : إن اللفظ لا يحتمله لأنهلو أريد ذلك لقيل : يعيدون القول الأول بضم الياء وكسر العين من الأعادة لا من العود جهل ناشيء من قلة العود لكلام الفصحاء والرجوع إلى محاوراتهم وقال أبو مسلم الأصفهاني : معي العود أن يحلف أولا على ما قال منالظهار بأن يقول : والله أنت علي كظهر أمي وهو عود لما قال وتكرار له معنى لأن القسم لكونهمؤكدا للمقسم عليه يفيد ذلك فلا تلزم الكفارة في الظهار منغير قسم عنده وهذا القول إلغاء للظهار معنىلأن الكفارة لحلفه على أمر كذب فيه وأيضا المنزل فيه يدفعه إذا لم ينقل الحلف ولا سأل عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم والأصل عدمه وقيل : عوده تكراره الظهار معنى بأن يقول : أنت علي كظهر أمي إن فعلت كذا ثم يفعله فإنه يحنث وتلزمه الكفارة وتعد مباشرته ذلك تكريرا للظهار وليس بشيء كما لا يخفى وأما تعليق الظهار فقد ذكر الشافعية أنه يصح لأنه لاقتضاء التحريم كالطلاق والكفارة كاليمين وكلاهما يصح تعليقه فإذا قال إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فدخلت ولو في حال جنونه أو نسيانه صح لكن لا عود عندهم في الصورة

الصفحة 9