كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

حالا منه والذي أجاز ذلك على ما في الكشاف أن المعنى فلذلك وقت النقر وقوع يوم عسير لأن يوم القيامة يأتي ويقع حين ينقر في الناقور فهو على منوال زمن الربيع العيد فيه أي وقوع العيد فيه وماله فلذلك الوقوع وقوع يوم الخ ومما ذكر يعلم اندفاع ما يتوهم من تقديم معمول المصدر أو معمول ما في صلته على المصدر أن جعل ظرف الوقوع المقدر أو ظرف عسير والتصريح بلفظ وقوع إبراز للمعنى وتفص عن جعل الزمان مظروف الزمان برجوعه إلى الحديث فتدبر وظاهر صنيع الكشاف اختيار هذاالوجه وكذا كلام صاحب الكشف إذ قرره على أتم وجه وادعى فيما سبقت عسفا نعم جوز عليه الرحمة أن يكون يومئذ معمول ما دل عليه الجزاء أيضا كأنه قيل فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين يومئذ وأيا ما كان فعلى الكافرين متعلق بعسير وقيل بمحذوف هو صفة لعسير أو حال من المستكن فيه وأجاز أبو البقاء تعلقه بيسير في قوله تعالى غير يسير وهو الذي يقتضيه كلام قتادة وتعقبه أبو حيان بأنه ينبغي أن لا يجوز لأن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف وهو ممنوع على الصحيح وقد أجازه بعضهم في غير حملا لها على لا فيقول أنا بزيد غير راض وزعم الحوفي إن إذا متعلقة بإنذار والفاء زائدة وأراد أنها مفعول به لأنذرك أنه قيل قم فانذرهم وقت النقر في الناقور وقوله تعالى فذلم الخ جملة ميت أنفة في موضع التعليل وهو كما ترى وجوز أبو البقاء تخريج الآية على قول الأخفش بان تكون مبتدأ والخبر فذلك والفاء زائدة وجعل يومئذ ظرفا لذلك ولا أظنك في مرية من أنه كلام أخفش وقال بعضهم أن ذلك مبتدأ وهو إشارة إلى المصدر أي فذل كالنقر وهو العامل في يومئذ ويوم عسير خبر المبتدأ والمضاف مقدر أي فذلك النقر في ذلك اليوم نقر يوم وفيه تكلف وعدول عن الظاهر مع أن عسر اليوم غير مقصود بالإفادة عليه وظاهر السياق قصده بالإفادة وجعل العلامة الطيبي هذه الآية من قبيل ما اتحد فيه الشرط والجزاء نحو من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله إذ جعل الإشارة إلى وقت النقر وقال أن في ذلك مع ضم التكرير دلالة على التنبيه على الخطب الجليل والأمرالعظيم وفيه نظر وفائدة قوله سبحانه غير يسير أي سهل بعد قوله تعالى عسير تأكيد عسره على الكافرين فهو يمنع أن يكون عسيرا عليهم من وجه دون وجه ويشعر بتيسره على المؤمنين كأنه قيل عسير على الكافرين غير يسير عليهم كما هو يسير علي أضدادهم المؤمنين ففيه جمع بين وعيد الكافرين وزياد غيظهم وبشارة المؤمنين وتسليتهم ولا يتوقف هذا على تعلق على الكافرين بيسير نعم الأمر عليه أظهركما لا يخفى ثم مع هذا لا يخلو قلب المؤمنمن الخوف أخرج ابن سعيد والحاكم عن بهز بن حكيم قال أمنا زرارة بن أوفى فقرأ المدثر فلما بلغ فإذا نقر في الناقور خر ميتا فكنت فيمن حمله وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال لما نزلت فإذا نقر في الناقور قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحني جبهته يستمع متى يؤمر قالوا كيف نقول يا رسول الله قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الله توكلنا واختلف في أن المراد بذلك الوقت يوم النفخة الأولى أو يوم النفخة الثانية ورجح أنه يوم الثانية الذي يختص عسره بالكافرين وأما وقت النفخة الأولى فحكمه الذي هو الإصعاق يعم البر والفاجر وهو على المشهور مختص بمنكان حيا عند وقوع النفخة ذرني ومن خلقت وحيدا نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي كما روي بمن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم بل قيل كونها فيه متفق عليه وهو يقتضي أن هذه السورة لم تنزل جملة إذ لم يكن أمر الوليد وما اقتضى نزول الآية فيه في بدء البعثة فلا تغفل ووحيدا حال إما من الياء في ذرني وهو المروي عن مجاهد أي ذرني وحدي معه فأنا أغنيك في الإنتقام عن كل منتقم أو من التاء في خلقت أي خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد فأنا أهلكه لا أحتاج إلى ناصر في إهلاكه

الصفحة 121