كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

بدنه إلى القبر وهؤلاء يجهزون روحه إلى السماء فكأنهم للأختلاف في الذهاب والأياب والتردد في الأعمال قد التفت أسوقهم وهذاالألتفافعلى حد اشتباك الأسنة إلى ربكيومئذ المساق أي إلى اللهتعالىوحكمه سوقهلا إلى غيره على أن المساق مصدرميمي كالمقالوتقديمالخبر للحصر والكلام على تقدير مضاف هو حكموقيل هوموعد والمراد به الجنة والناروقيل هناك مضافمقدر على أن الرب جل شأنههو السائقأي سوق هؤلاء مفوضإلى ربكلا إلى غيره والظاهر ما تقدم ثم إن كان هذا في شأنالفاجرأو فيمايعمه والبر يراد بالسوق السوق المناسبللمسوق وهذه الآية لعمري بشارة لمنحسن ظنه بربه وعلم أنهالربالذيسبقت رحمته على غضبه قالواغدا نأتي ديار الحمى
وينزلالركببمغناهم فقلت لي ذنبفماحيلتي
بأي وجهأتلقاهم قالواأليسالعفو من شأنهم
لا سيماعمنترجاهم ثم إن الجواب إذ محذوفدل عليه ما ذكر أي كان ماكان أو انكشف للمرء حقيقة الأمر أو وجد الأنسانما عملهمن خير أو شر فلا صدق أيما يجبتصديقهمن اللهعز و جلوالرسولصص والقرآنالذي أنزل عليه ولا صلى ما فرض عليه أي لم يصدق ولم يصل فلا داخلة على الماضي كمافي قوله أنتغفر اللهمتغفر جما
وأيعبد لك لا ألما والضمير في الفعلين للإنسان المذكور في قوله تعالى أيحسب الإنسان والجملة عطف على قوله سبحانه يسأل أيانيوم القيامة على ما ذهب إليه الزمخشري فالمعنى بناء على ما علمت منأن السؤالاستهزاءواستبعاد استبعد البعث وأنكره فلم يأت بأصل الدين وهو التصديق بما يجب تصديقه به ولا بأهمفروعه وهو الصلاة ثم أكد ذلك بذكر ما يضاده بقوله تعالى ولكن كذبوتولى نفيالتوهمالسكو أو الشك أي ومع ذلك أظهرالجحود والتوليعن الطاعة ثم ذهب إلى أهله يتمطى يتبختر افتخارا بذلك ومن صدر عنه مثل ذلك ينبغي أن يخاف من حلول غضب الله تعالىبهفيمشي خائفا متطامنا لا فرحا متبخترا فثم للأستبعاد ويتمطىمن المط فإن المتبختر يمد خطاه فيكونأصله يتمطط قلبت الطاءفيه حرف علة كراهة اجتماع الأمثال كما قالوا تظنيمن الظن وأصله تظننأو منالمطا وهوالظهرفإن المتبختريلويمطاه تبخترا فيكونمعتلابحسبالأصلو الحديث إذامشتأمتي المطيطاء وخدمتهمفارسوالروم فقد جعل بأسهمبأنهموسلط شرارهمعلى خيارهم وجعل الطيبيعطفهذه الجملة للتعجب على معنى يسأل أيان يوم القيامةوما استعد له إلا يوجب دماره وهلاكه وقال إن قوله تعالى فإذابرق البصر الخ جواب عن السؤال أقحمبين المعطوف والمعطوف عليه لشدةالأهتمام وإن قوله سبحانه لا تحركالخ استطراد على ما سمعت وجعل صدق من التصديق هو المروي عن قتادة وقالقوم هو من التصديقفلا صدقماله ولا زكاه قال أبو حيان وهذاالذييظهر نفي عنهالزكاة والصلاة وأثبت له التكذيب كمافي قوله تعالى قالوالم نكمن المصلين ولمنك نطعم المسكين وكنانخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين وحمله على نفي التصديقيقتضيأنيكون ولكن كذب تكرارا ولزمأن يكوناستدراكا بعدولا صلى لا بعد فلا صدق لأنهمامتوافقانوفيه نظر يعلم مماقررناه ثم أنهاستبعد العطفعلى قولهتعالىيسأل الخ وذكر أن الآية نزلت في أبي جهل وكادت تصرحبه في قوله تعالى يتمطىفإنهاكانتم قومه بني مخزوم وكان

الصفحة 148