كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

يكثر منها ولم يبين حال العطف على هذا وأنت تعلم أن العطف لا يأبى حديثالنزول في أبيجهل وقد قيل أنقولهتعالى أيحسب الإنسان أنلننجمع عظامه مازلفيه أيضاوالحكمعلى الجنس بأحكام لا يضر فيه تعين بعض أفرادهفي حكم منها نعم لا شك في بعد هذاالعطف لفظا لكنفي بعده معنىمقالولعل فيمابعد ما يقويجانبالعطفعلى ذلك أولى لك فأولى من الولي بمعنى القرب فهو للتفضيلفي الأصل غلب فيقربالهلاكودعاءالس كأنه قيل هلاكاأولى لك بمعنىأهلكك الله تعالى هلاكاأقربلك من كلشروهلاكوهذ وسحقافي الهلاك وفي الصحاح عن الأصمعي قاربه ما يهلكه أينزلبه وأنشد فعادىبينهاديتينمنها
وأولىأننزيد على الثلاث أيقاربثمقالقال ثعلبولم يقل أحد في أوليأحسن مما قاله الأصمعيوعلى هذاأولى فعل مستتر فيهضميرالهلاكبقرينةال واللاممزيدةعلى ماقيل وقيلهوفعلماضدعائي منالولي أيضا إلا أن الفاعلضميره تعالىواللام مزيدة أي أولاك الله تعالى ما تكرهه أوغير مزيدةأي أدنىالله تعالى الهلاكلك وهوقريبمما ذكر عن الأصمعي وعن أبيعلي إن أولى لك علم للويل مبني على زنة أفعلمن لفظالويلعلى القلبوأصله أويل وهو غيرمنصرف للعلميةوالوزن فهو مبتدأ ولك خبرهوفيه أنالويل غير منصرف فيه ومثل يوم أيوممع أنه غير منقاس لا يفرد عن الموصوف البتة وإن القلب على الأختلاف الأصل لا يرتكبإلا بدليلوإن علم الجنس شيء خارج عن القياسمشكل التعقل خاصة فيما نحن فيه وقيل اسم فعل مبني ومعناه ويلك شر بعد شر واختار جمع أنه أفعل تفضيل بمعنى الأحسن والأحرى خبر لمبتدأ محذوف يقدر كما يليق بمقامه فالتقدير هنا النار أولى لك أي أنت أحق بها وأهل لها فأولى ثم لولى لك فأولى تكرير للتأكيد وقد تقدم الكلام في ذلك فتذكر والظاهر أن الجملة تذييل للدعاء لا محل لها من الأعراب وجوز أن تكون في موضع الحال بتقدير القول كأنه قيل ثم ذهب إلى أهله يتمطى مقولا له أولى لك الخ ويؤيده ما أخرج النسائي والحاكم وصححه وعبد بن حميد وابن جرير وابم المنذر وغيرهم عن سعيد بن جبير قال سألت ابن عباس عن قول الله تعالى أولى لك فأولى أشيء قاله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من نفسه أم أمره الله تعالى به قال بل قال من قبل نفسه ثم أنزله الله تعالى واستدل بقوله سبحانه فلا صدق ولا صلى الخ على أن الكفار مخاطبون بالفروع فلا تغفل أيحسب الإنسان أن يترك سدى أي مهملا فلا يكلف ولا يجزى وقيل أن يترك في قبره فلا يبعث ويقال إبل سدى أي مهملة ترعى حيث شاءت بلا راع وأسديت الشيء أي أهملته وأسديت حاجتي صيعتها ولم أعتن بها قال الشاعر فأقسم بالله جهد اليمين
ما خلق الله شيئا سدى ونصب سدى على الحال من ضمير يترك وإن يترك في موضع المفعولين ليحسن والأستفهام إنكاري وكان تكريره بعد قوله تعالى أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه لتكرير إنكار الحشر قيل مع تضمن الكلام الدلالة على وقوعه حيث أن الحكمة تقتضي الأمر بالمحاسن والنهي عن القبائح والرذائل والتكليف لا يتحقق إلا بمجازاة وهي قد لا تكون في الدنيا فتكون في الآخرة وجعل بعضهم هذا استدلالا عقليا على وقوع الحشر وفيه بحث لا يخفى وقوله تعالى ألم يك نطفة من مني يمنى الخ استئناف وارد لإبطال المذكور فإن مداره لما كان استبعادهم للإعادة دفع ذلك ببدء الخلق وقرأ الحسن ألم تك بباء الخطاب على سبيل الألتفات وقرأ الأكثر تمنى بالتاء الفوقية فالضمير للنطفة أي يمنيها الرجل ويصبها في الرحم وعلى قراءة الياء هي قراءة حفص وأبي

الصفحة 149