كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

وحكى الأخفش عن قوم من العرب أن لغتهم صرف كل ما لا ينصرف إلا أفعل من وصرف سلاسلا ثابت في مصاحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة وفي مصحف أبي وعبد الله بن مسعود وروي هشام عن ابن عامر سلاسل في الوصل وسلاسلا بألف دون تنوين في الوقف إن الأبرار شروع في بيان حسن حال الشاكرين أثر بيان سوء الكافرين وإيرادهم بعنوان البر للأشعار بما استحقوا به ما نالوه من الكرامة السنية مع تجديد صفة مدح لهم والأبرار جمع بر كرب وأرباب أو بار كشاهد وأشهاد بناء على أن فاعلا يجمع على أفعال والبر المطيع المتوسع في عل الخير وقيل من يؤدي حق الله تعالى ويوفي بالنذر وعن الحسن هو الذي لا يؤذي الذر ولا يرضى الشر يشربون في الآخرة من كأس هي كما قال الزجاج الإناء إذا كان فيه الشراب فإذا لم يكن لم يسم كأسا وقال الراغب الكأس الإناء بما فيه من الشراب ويسمى كل واحد منهما بانفراده كأسا والمشهور أنها تطلق على حقيقة على الزجاجة إذا كانت فيها خمر ومجازا على المجاورة والمراد بها ههنا قيل الخمر فمن تبعيضية أو بيانية وقيل الزجاجة التي فيها الخمر فمن ابتدائية وقوله تعالى كان مزاجها كافورا أظهر ملائمة للأول والظاهر أن هذا على منوال كان الله عليما حكيما والمجيء بالفعل للتحقيق والدوام وقيل تامة من قوله تعالى كن فيكون والمزاج ما يمزج به كالحزام ما يحزم به فهو اسم آلة وكافور على ما قال الكلب يعلم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور وعرفه وبرده وصرف لتوافق الآي والكلام على حذف مضاف أي ماء كافور والجملة صفة كأس وهذا القول خلاف الظاهر ولعله إن لم يصح فيه خبر لا يقبل وقرأ عبد الله قافورا بالقاف بدل الكاف وهما كثيرا ما يتعاقبان في الكلمة كقولهم عرب يقح وكح وقوله تعالى عينا بدل من كافور وقال قتادة يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك وذلك لبرودة الكافور وبياضه وطيب رائحته فالكافور بمعناه المعروف وقيل إن خمر الجنة قد أودعها الله تعالى إذ خلقها أوصاف الكافور الممدوحة فكونه مزاجا مجاز في الإنصاف بذلك فعينا على هذين القولين بدل من محل كأس على تقدير مضاف أي يشربون خمرا خمر عين أو نصب على الأختصاص بإضمار أعني أو أخص كما قال المبرد وقيل على الحال من ضمير مزاجها وقيل من كأس وساغ لوصفه وأريد بذلك وصفها بالكثرة والصفاء وقيل منصوب بفعل يفسره ما بعد أعن يقوله تعالى يشرب بها عباد الله على تقدير مضاف أيضا أي يشربون ماء عين يشرب بها الخوت عقب بأن الجملة صفة عينا فلا يعمل فعلها بها ومالا يعمل لا يفسر عاملا وأجيب بمنع كونها صفة على هذا الوجه والتركيب على نحو رجلا ضربته نعم هي صفة عين على غير هذا الوجه والباء للألصاق وليست للتعدية وهي متعلقة معنى بمحذوف أي يشرب الخمر ممزوجة بها أي بالعين عباد الله وهو كما تقول شربت الماء بالعسل هذا جعل كافور علم عين في الجنة وأما على القولين الآخرين فقيل وجه الباء أن يجعل الكلام من باب
يجري في عراقيها نصلي
لأفادة المبالغة وقيل الباء للتعدية وضمن يشرب معنى يروي فعدي بها وقيل هي بمعنى من وقيل هي رائدة والمعنى يشربها كما في قول الهزلي شربن بماء البحر ثم ترفعت
متى لحج خضر لهن نئيج ويعضد هذا قراءة ابن أبي عبلة يشربها وقيل ضمير بها للكأس والمعنى يشربون العين بتلك الكأس وعليه يجوز أن يكون عينا مفعولا ليشرب مهديا عليه وعباد الله المؤمنون أهلا لجنة يفجرونها تفجيرا صفة أخرى لعينا أي يجرونها حيث شاؤا من منازلهم إجراء سهلا لا يمتنع عليهم على

الصفحة 154