كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

الظالم فهم منه لا تتبعه في الظلم إذا دعاك إليه ومنع هذا الفهم مكابرة فلا يتم الأستدلال بالآية على عدم جواز الأقتداء بالفاسق إذا صلى إماماثم إن التق ما يدعوان إليه من الكفر والأثم المقابلله لاباعتبارالذوات حتى يكون بعضهم آثما وبعضهم كفورا فيقال كيف ذلك وكلهم كفرة والمبالغة في كفور لموافقة الواقع وهذا كقوله تعالى ولا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واعتبار رجوعها إلى النهي كاعتبار رجوعها إلى النفي على ما قيل في قوله تعالى وما ربك بطلام للعبيد كما ترى وقيل الآثم المنافق والكفور المشرك المجاهر وقيل الآثم عتبة بن ربيعة والكفور الوليد بن المغيرة لأن عتبة كان ركابا للمآثم متعاطيا لأنواع وكان الوليد غاليا في الكفر شديد الشكيمة في العتو وعن مقاتل أنهما قالا له صلى الله تعالى عليه وسلم ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بالمال والتزويج فنزلت وقيل المفور أبو جهل والآية نزلت فيه والأولى ما تقدمو في النهي مع العصمة إرشاد لغيرالمعصوم إلى التضرع إلى الله تعالى والرغبة إليه سبحانه في الحفظ عن الوقوع فيما لا ينبغي واذكراسم ربك بكرة وأصيلا ودوام على ذكره سبحانه في جميع الأوقات أودم على صلاة الفجر والظهر فإن الأصيل قد يطلق على ما بعد الزوال إلى المغرب فينتظمهما ومن الليل أي بعضه فاسجد فصل له عز و جل على أن السجود مجاز عن الصلاة بذكر الجزء وإرادة الكل وحمل ذلك على صلاة المغرب والعشاء وتقديم للأ والأهتمام لما في صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص وسبحه ليلا طويلا وتهجد له تعالى قطعا من الليل طويلا فهو أمر بالتهجد على ما اختاره بعضهم وتنوي للتبعيض وأصل التسبيح التنزيه ويطلق على مطلق العبادة القولية والفعلية وعن ابن زيد وغيره أن ذلك كان فرضا ونسخ فلا فرض اليوم إلا الخمس وقال قوم هو محكم في شأنه عليه الصلاة و السلام وقال آخرون هو كذلك مطلقا على وجه الندب وفي تأخير الظرف قبل دلالةعلى أنه ليس بفرض كالذي قبله وكذا في التعبير عنه بالتسبيح وفيه نظر وقال الطيبي الأقرب من حيث النظم أنه تعالى لما نهى حبيبه عن إطاعة الآثم والكفور وحثه على الصبر على اذاهم وإفراطهم في العداوة وأراد سبحانه أن يرشده إلى متاركتهم عقب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته بالعبادة ليلا ونهارا بالصلوات كلها من غير اختصاص وبالتسبيح بمايطيق على من وال قوله تعالى لقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين انتهى وهو حسن إن هؤلاء الكفرة يحبون العاجلة وينهمكون في لذاتها الفانية ويذرون وراءهم أي أمامهم يوما ثقيلا هو يوم القيامة وكونه أمامهم ظاهر أو يذرون وراء ظهورهم يوما ثقيلا لا يعبثون به فالظرف قيل على الأول حال من يوم او على هذا ظرف يذرون ولو جعل على وتيرة واحدة في التعلق صح أيضا ووصف اليوم بالثقيل لتشبيه شدته وهو له بثقل شيء قادح باهظ لحامله بطريق الأستعارة والجملة كالتعليل لما أمر به ونهى عنه كأنه قيل لا نطعمهم واشتغل بالأهم من العبادةلأن هؤلاء تركوا الآخرة للدنيا فاترك أنت الدنيا وأهلها للآخرة وقيل إن هذا يفيد ترهيب محب العاجل وترغيب محب الآجل والأول علة للنهي عن إطاعة الآثم والكفور والثاني علة للأمر بالعبادة نحن خلقناهم لا غيرنا وشددنا أسرهم أي أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب والعروق والأسر في الأصل الشد والربط وأطلق على ما يشد به ويربط كما هنا وإرادة الأعصاب والعروق لشبهها بالحبال المربوط بها ووجه الشبه ظاهر ومن هنا يقول العارف من كان أسره من ذاته وسجنه دنياه في حياته فليشك مدة عمره وليتأسف على وجوده بأسره والمراد شدة الخلق وكونه موثقا

الصفحة 166