كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

عند مجيئه وحصوله والوجه هو الأول كما قال جارالله وتحقيقه كما في الكشف أن توقيت الشيء تحديد هو تعيين وقته فإيقاعه على الذوات بإضمار لأن الموقت هو الأحداث لا الجثث ويجيء بمعنى جعل الشيء منتهيا إلى وقته المحدود وعلى هذايقع عليها دون إضمار إذا كأن بينها وبين ذلك الوقت ملابسة وإنما الوجه لأن القيامة لوقتا يتبين فيه وقت الرسل الذين يحضرون للشهادة بل هي نفس ذلك الوقت وإذا الرسل أقتت يقتضي ذلك لأنك إذا قلت إذا أكرمتني أكرمتك اقتضى أن يكون زمان إكرام المخاطب للمتكلم هو ما دل عليه إذا سواء جعل الظرف معموله أو معمول الجزاء أي فلا بد من التأويل وقد أشبر إليه في ضمن التفسير وقرأ النخعيوالحسن وعيسى وخالد أقتتب الهمزة وتخفيف القاف وقرأ أبو الأشهب وعمرو بن عبيد وأبو عمرو وعيسى أيضا وقتتب الواو على الأصل لأن الهمزة مبدلة من الواو المضمومة ضمة لازمة وهو أمر مطرد كما بين في محله وقال عيسى وقتت لغة سفلي مضر وقرأ عبد الله بن الحسن وأبو جعفر وقتت بواو واحدة وتخفيف القاف وقرأ الحسن أيضا وقتتب واوين على وزن فوعلت وإذا في جميع ما تقدم شرطية وقوله تعالى لأي يوم أجلت قيل مقول لقول مقدر هو جواب إذا أي يقال لأي يوم الخ وجعل التأجيل بمعنى التأخير منقولهم دين مؤجل في مقابل الحال والضمير لما يشعر به الكلام والأستفهام للتعظيم والتعجيب من هول ذلك اليوم أي إذا كان كذا وكذا يقال لأي يوم أخرت الأمور المتعلقة بالرسل من تعذيب الكفرة وإهانتهم وتنعيم المؤمنين ورعايتهم وظهور ماكانت الرسل عليهم السلام تذكره من الآخرة وأحواله او فظاعة أمورها وأهوالها وجوز أن يكون الضمير للأمور المشار فيها فيما قبل منطمس النجوم وفرج السماء ونسف الجبال وتاقيت الرسل وإن يكون للرسل إلا أن المعنى على نحوما تقدم وقيل أن يكون القول المقدر في موضع الحال من مرفوع أقتت أي مقولا فيها لأي يوم أجلت وأن تكون الجملة نفسها من غير تقدير قول في موضع المفعول الثاني لأقتت على أنه بمعنى أعلمت كأنه قيل وإذا الرسل أعلمت وقت تأجيلها أي بمجيئه وحصوله وجواب إذا على الوجهين قيل قوله تعالى الآتي ويل يومئذ للمكذبين وجاء حذف الفاء في مثله وقيل محذوف لدلالة الكلام عليه أيوقع الفصل أو وقع ما توعدون واختار هذا أبو حيان ويجوز علىاحتمال كون الجواب ويل يومئذ للمكذبين أو تقدير المقدر مؤخرا كون جملة لأي يوم أجلت اعتراضا لتهويل شأن ذلك اليوم وقوله تعالى ليوم الفصل بدل من لأي يوم مبين له وقيل متعلق بمقدر تقديره أجلت ليوم الفصل بين الخلائق وما أدراك ما يوم الفصل أي أي شيء جعلك داريا ما هو على أن ما الأولى مبتدأ وإدراك خبره وما الثانية خبر مقدم ويوم مبتدأ مؤخر لا بالعكس كما اختاره سيبويه لأن محط الفائدة بيان كون يوم الفصل أمرا بديع الا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية مالا بيان كون أمر بديع من الأمور يوم الفصل كما يفيده عكسه ووضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التفظيع والتهويل المقصودين من الكلام ويل يومئذ للمكذبين أي في ذلك اليوم الهائل وويل في الأصل مصدر بمعنى هلاك حقه النصب بفعل لفظه أو معناه إلا أنه رفع على الأبتداء للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ويومئد ظرفه أو صفته فمسوغ الأبتداءبه ظاهر والمشهور أن مسوغ ذلك كونه للدعاء كما في سلام عليكم ألم نهلك الأولين كقوم نوح وعاد وثمود وقرأ قتادة نهلك بفتح النون على أنه منهلكه بمعنى أهلكه ومنه هالك بمعنى مهلك كما هو الظاهر فيقول العجاج ومهمه هالك من تعرجا
هائلة أهواله من أدرجا

الصفحة 173