كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

وبإحياء مايقابلها وانتصاب كفاتا الحالية من الأرض وأنت تعلم أن انتصابهما على المفعولية أظهر وبعده انتصابهما على الحالية من محذوف وتنوينهما على ما سمعت أولا للتكثير وجوز أن يكون للتبعيض بإرادة إحياءالأنس وأمواتهم وهم ليسوا بجميع الأحياء والأموات ولا ينافي ذلك التفخيم نظرا إلى أنه بعض غيرمحصور كثير في نفسه فلا تغفل واستدل الكيا بالآية على وجوب مواراة الميت ودفنه وقال ابن عبد البراحتج ابن القاسم بها على قطع النباش لأنه تعالى جعل القبر للميت كالبيت للحي فيكون حرزاولا يخفى ضعف الأستدلالين وجعلنا فيها رواسي أي جبالا ثوابت شامخات مرتفعات ومنه شمخ بأنفه ووصف جمع المذكر بجمع المؤنث في غيرالعقلاء مطرد كأشهر معلومات وتنكيرها للتفخيم أو للإشعار بأنفي الأرض جبالا لم تعرف ولميوقف عليها فارض الله تعالى واسعة وفيهاما لم يعلمه إلا الله عز و جل وقيل للأشعار بأن في الجبال ما لم يعرف وهوالجبال السماوية وهوم يوافق أهل الفلسفة الجديدة إذ قالوا بوجود جبال كثيرة في القمر وظنوا وجودها في غيره وتعقب بأنه تفسير بمالم يعرف وأسقيناكم ماء فراتاأ عذبا وذلك بأن خلقناه في أصولها وأجريناه لكم منها في أنهار وأنبعناه في منابع تستمد مما استودعناه فيها وقد يفسر بما هو أعم من ذلك والماء المنزل من السماء ويل يومئذ للمكذبين بأمثال هذه النعم العظيمة إنطلقوا أي يقال لهم يومئذ للتوبيخ والتقريع انطلقوا إلى ما كنتم به تكذب ونفي الدنيا من العذاب إنطلقوا أي خصوصا فليس تكرارا للأول وقيل هو تكرار لهو إن قيد بقوله تعالى إلى ظل هو ظل دخان جهنم كما قاله جمهور المفسرين فهو كقوله تعالى وظل من يحموم وفيه استعارة تهكمية وقرأ رويس عن يعقوب انطلقوا بصيغة الماضي وهو استئناف بياني كأنه قيل فما كان بعد الأمر فقيل انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب متشعب لعظمه ثلاث شعب كما هو شأن الدخان العظيم تراه يتفرق تفرق الذوائب وفي بعض الآثار يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كالسرادق ويتشعب من دخانها ثلاث شعب فتظلهم حتى يفرغ حسابهم والمؤمنون في ظل العرش وخصوصيةالثلاث قيل أما لأن حجاب النفسعن أنوار القدس الحسو الخيال لأن المؤدي إلى هذاالعذاب هو القوة الوهميةالشيطانية الحالة في الدماغ والقوة الغضبية السبعية التي عنيمين القلب والقوة الشهويةالبهيم عن يسار هو لذلك قيل تقف شعبة فوق الكافر وشعبةعن يمينه وشعبةعن يسار هو قيل لأن تكذيبهم بالعذاب يتضمن تكذيب الله تعالى وتكذيب رسوله صلى الله عليه و سلم فهناك ثلاثة تكذيبات واعتبر بعضهم التكذيب بالعذاب أصلا والشعب الثلاث التكذيبان المذكوران وتكذيب العقل الصريح فتأمل وعنابن عباس يقال ذلك لعبدةالصليب فالمؤمنون في ظل الله عز و جل وهم في ظلم عبودهم وهو الصليب له ثلاث شعب لا ظليل أي لا مظلو هو صفة ثانية لظلون في كونه مظللا عنه يكون إلا مظللا للدلالة على أن جعله ظلا تهكم بهم ولأنه ربما يتوهم أن فيه راحة لهم فنفي هذا الأحتمال بذلك وفيه تعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين ولا يعني من اللهب وغير مفيد في وقت من الأوقات من حر الله بشيئا وعد يغني بمن لتضمنه معنى يبعد واشتهر أن هذه الآية تشير إلى قاعدة هندسية وهي أن الشكل المثلث لا ظل له فانظر هل تتعقل ذلك إنها أي النار الدال عليها الكلام وقيل الضمير للشعب ترمى بشرر هو تطاير من النار سمي بذلك لاعتقاد الشر فيه وهو اسم جنس جمعي واحدة شررة كالقصر كالدار الكبيرة

الصفحة 175