كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

المشيدة والمراد كلشررة كذلك في العظم ويدل على إرادة ذلك ما بعد ويؤيده قراءة ابن عباس وابن مقسم بشرار بكسرالشين وألفبين الراءين فإن الظاهر أنه جمع شررة كرقبة ورقا بفيدل على أن المشبه بالقصر الواحدة وكذا قراءة عيسى بشرار بفتح الشين وألفبين الراءين أيضا فقد قيل أنه جمع لشرارة لا مفرد وجوز على قراءة الكسر أن يكون جمع شر غير أفعل التفضيل كخيارجمع خيروهو حينئذ صفة أقيمت مقام موصوفها أي ترمي بقوم شرار وهو خلاف الظاهر وقيلالقصر الغليظ من الشجرواحده قصرة نحو جمرة وجمر وقيل قطعمن الخشب قدر الذراع وفوقه ودونه يستعد به للشتاء واحده كذلك فالتشبيه من تشبيه الجمع بالجمع من غير احتياج للتأويل بما مر إلا أن التهويل على القول الأخير دونه على غيره وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن جبير والحسن وابن مقسم كالقصر بفتح القاف وهي أصول النخل وقيل أعناقها واحدها قصرة كشجرة وشجر وفي كتاب النبات الحبة لها قشرتان التحتية تسمى قشرة والفوقية تسمى قصرة ومنه قوله تعالى كالقصر وهو غريب وقرأ ابن مسعود كالقصر بضمتين جمع قصر كرهن ورهن وفي البحر كأنه مقصور من القصور كالنجم من النجوم وهو مخالف للظاهر لأن مثله ضرورة أو شاذ نادر وقرأابن جبير والحسن أيضا كالقصر بكسر القاف وفتح الصاد جمع قصرة بفتحتين كحلقة من الحديد وحلق وحاجة وحوج وبعض القراء كالقصر بفتح القاف وكسر الصاد بمعنى القصرفي قراءة الجمهور كأنه أي الشرر جمالت بكسر الجيم كما قرأبه حمزة والكسائي وحفص وأبو عمرو في رواية الأصمعي وهارون عنه وهو جمع جم لوالتاء لتأنيث الجمع كما في البحر يقال جمل وجمال وجمالة أو اسم جمع له كما قيل في حجر وحجارة والتنوين للتكثير صفر فإن الشرار لما فيه من النارية والهوائية يكون أصفر فالصفرة على معناها المعروف وقيل سود والتعبير بصفر لأن سواد الأبل إلى الصفرة شبه به الشررحين ينفصل النار في عظمه بالقصر وحين يأخذ في الأرتفاع والأنبساط لانشقاقه عن أإعداد غير محصورة بالجمال لتصورالأن والكثرة والصفرة والحركةالمخصوصة وقد روعي الترتيب في التشبيه رعايةلترتيب الوجود وأفيد أن القصور والجمال يشبه بعضها ببعض ومنه قوله فوقفت فيها ناقتي وكأنها
فدن لا قضى حاجة المتلوم فالتشبيه الثاني بيان للتشبيه الأولعلى معنى أن التشبيه بالقصر كان المتبادر منه إلى الفهم العظم فحسب فلم قيل كأنه جمالة صفر وهو قائم مقام التخصيص في القصر تكثر وجه الشبه كأنه قيل كأنه قصر من شأنه كذا وكذا والتشبيه بالجمال في الكثرة والتتابع وسرعة الحركة أيضا والأول هو التحقيق على ما في الكشف وعلى الوجهين ليس التشبيه الثاني في البداء في شيء ولا حاجة في شيء من مهما إلى اعتبار كونه ضمير كأنه للقصر وقد ألم بشيء من حسن ما وقع في الآية من التشبيه وأبو العلاء المعري في قوله فيمرثية واحد من الأشراف المرقدي نار القرى الآصال
والإسحار بالأهضام والأشعاف حمراء ساطعة الذوائب في الدجى
ترمي بكلشرارة كطراف وإنكان قد قصد بذلك المعارضة للآية يكون قد أعمى الله تعالى بصيرته عما فيها من المزية كما أعمى سبحانه بصره وقرأ الجمهور ومنهم عمربن الخطاب رضعنه جمالات بكسر الجيم وبالألف والتاء جمع جمال أو حمالة بكسر الجيم فيهما فيكون جمع الجمع أو جمع اسم الجمع والمعنى على ما سمعت وقرأ ابن عباس وقتادة وابن جبير والحسن وأبو رجاء بخلاف عنهم كذلك إلا أنهم ضموا الجيم على أنه جمع جمالة على ما في الكشاف وقال في البحر هي حبال السفن

الصفحة 176