كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

الواحد منها جملة لكونه جملة من الطاقات ثم جمع على جمل وجمال ثم جمع جمال ثانيا جمع صحة فقالوا جمالات وقيل هي قلوس الجسور أي حبالها التي تشد بها وروي ذلك عن ابن عباس وابن جبير قالا إنهاإذااجتمعت مستديرة بعضها إلى بعض جاء أجرام عظام وعن ابن عباس أيضا هي قطع النحاس الكبار والظاهر أن التشبيه على هذاباعتبار اللون وعلى ما سبق باعتبار الأمتداد والألتفات وقرأابن عباس أيضا وال والأعمش وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة وروي سجمالة كجمالة حفص ومن معه إلا أنهم ضموا الجيم وهي عند الزمخشري اسم مفرد بمعنى القلس وجمع صفر لإرادة الجنس وقرأ صفر بضم الفاء ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم لا ينطقون الأشارة إلى وقت دخولهم النار أي هذا يوم لا ينطقون فيه شيء لعظم الدهشة وفرط الحيرة ولا ينافي هذا ما ورد في موضع آخر من النطق لأن يوم القيامة طويل له مواطن ومواقيت ففي بعضها ينطقون وفي بعضها لا ينطقون وجوز أن يكون المراد هذا يوم لا ينطقون بشيء ينفعهم وجعل نطقهم لعدم النفع كلا نطقوقرأ الأعمش والأعرج وزيد بن علي وعيسى وأبو حيوة وعاصم في رواية هذايوم بالفتح هو فتح إعراب على أن هذا إشارةإلى ما ذكر ويوم منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف وقع خبرا لهذاالذي ذكرمن الوعيد واقع في يوم لا ينطقون وقيل هو فتح بناء ويوم في محل رفع على الخبرية وبني لأضافته للجملة ولماحقه البناء وعن صاحب اللوامح قال عيسى بناء يوم علىالفتح مع لا لغة سفلى مضر لأنهم جعلوه معها كالاسم الواحد وأنت تعلم أن الجملة المصدرة بمضارع مثبت أو منفي لايجيز البصريون في الظرف المضاف إليها البناء بوجه وأن ما ذكر مذهبك وفي ولايؤذن لهم قيل في النطق مطلقا أوفي الأعتذار وقرأ زيد بن علي كما حكى عنه أبو علي الأهوازي بالبناء للفاعل أي ولا يأذن الله تعالى لهم فيعتذرون عطف على يؤذن منتظم معه في سلك النفي والفاء للتعقيب بين النفيين في الأخبار في قول ولترتب النفي الثاني نفسه على الأول في آخر ونظر فيه ولم يقل فيعتذروا بالنصب في جوابا لنفي قيل ليفيد الكلام نفي الأعتذار مطلقا إذ لا عذر لهم ولا يعتذرون بخلاف ما لو نصب وجعل جوابا فإنه يدل على أن عدم اعتذارهم لعدم الأذن فيوهم ذلك أن لهم عذرا لكن لم يؤذن لهم فيه وقال ابن عطية إنما لم ينصب في جواب النفي للمحافظة على رؤس الآي والوجهان جائزان وظاهره المعنى عليهما وهومخالف لكلامهم لقولهم بالسببية في النصب دون الرفع نعم ذهب أبو الحجاج الأعلم إلى أنه قد يرفع الفعل ويكون معناه على قلة معنى المنصوب بعد الفاء وأن النحويين إنما جعلوا معنى الرفع غير معنى النصب رعيا للأكثر في كلام العرب وجعل دليله علىذلك هذه الآية وعليه ذلك ابن عصفور وغيره فتدبر والظاهر أن نفي الأعتذار باعتبار بعض المواطن والمواقيت كنفي النطق وجوز أن يكون المنفي حقيقة الأعتذار النافع فلا منافاة بين ما هنا وقوله تعالى يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ويل يومئذ للمكذبين هذا يوم الفصل بين المحق والمبطل جعلناكم والأولين أي من تقدمكم من الأمم والكلام تقرير وبيان للفصل لأنه لا يفصل بين المحق والمبطل إلا إذا جمع بينهم فإن كان لكم كيد فكيدون فإن جميع من كنتم تقلدونهم وتقتدون بهم حاضرون وهذا تقريع لهم على كيدهم للمؤمنين في الدنيا وإظهار لعجزهم ويل يومئذ للمكذبين حيث أن لا حول لهم ولا حيلة في التخلص مما هم فيه إن المتقين من الكفر والتكذيب لوقوعه في مقابلة المكذبين بيوم الدين فيشمل عصاةالمؤمنين في ظلال جمع ظل ضد الضح وهو أعم من الفيء فإنه يقال ظلال ليل وظل الجنة ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل ولا يقال الفيء إلا لما زال عنه الشمس ويعبر

الصفحة 177