كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)
وهي السقاء إذا انخرق ومن أمثالهم قول الراجز
خل سبيل من وهي سقاؤه ... ومن هريق بالفلاة ماؤه
والملك أي الجنس المتعارف بالملك وهو أعم من الملائكة عند الزمخشري وجماعة وقد ذكره الجوهري أيضا وقال أبو حيان الملك اسم جنس يراد به الملائكة ولا يظهر أنه أعم من الملائكة وتحقيق هذا المقام بما لا مزيد عليه في شرح التلخيص للعلامة الثاني وحواشيه فارجع إن أردت إليه
على أرجائها أي جوانبها جمع رجى بالقصر وهو من ذوات الواو ولذا برزت في التثنية قال الشاعر
كأن لم ترى قبلي أسيرا مقيدا ... ولا رجلا يرمي به الرجوان
والضمير للسماء والمراد بجوانبها أطرافها التي لم تنشق أخرج ابن المنذر عن ابن جبير والضحاك قال أنهما قالا والملك على أرجائها أي على ما لم ينشق منها ولعل ذلك التجاء منهم للأطراف مما داخلهم من ملاحظة عظمة الله عز و جل أو اجتماع هناك للنزول وأخرج ابن المنذر وعبد بن حميد عن الربيع ابن أنس قال والملك على أرجائها أي الملائكة على شقها ينظرون إلى شق الأرض وما أتاهم من الفزع والأول أظهر ولعل هذا الإنشقاق بعد موت الملائكة عند النفخة الأولى وإحيائهم وهم يحيون قبل الناس كما تقتضيه الأخبار ويجوز أن يكون ذلك بعد النفخة الثانية والناس في المحشر ففي بعض الآثار ما يشعر بانشقاق كل سماء يومئذ ونزول ملائكتها واليوم متسع كما أشرنا إليه وقال الإمام يحتمل أنهم يقفون على الإرجاء لحظة ثم يموتون ويحتمل أن يكون المراد بهم الذين استثناهم الله تعالى في قوله سبحانه إلا من شاء الله وعلى الوجهين ينحل ما يقال الملائكة يموتون في الصعقة الأولى لقوله تعالى فصعق من في السماوات ومن في الأرض فكيف يقال أنهم يقفون على أرجاء السماء وفي أنوار التنزيل لعل قوله تعالى وانشقت السماء الخ تمثيل لخراب العالم بخراب المبنيات وانضواء أهلها إلى أطرافها وإن كان على ظاهره فلعل موت الملائكة أثر ذلك انتهى وأنا لا أقول باحتمال التمثيل وفي البحر عن ابن جبير والضحاك أن ضمير أرجائها للأرض وأن بعد ذكرها قالا أنهم ينزلون إليها يحفظون أطرافها كما روي أن الله تعالى يأمر ملائكة السماء الدنيا فيقفون صفا على حافات الأرض ثم ملائكة الثانية فيصفون حولهم ثم ملائكة كل سماء فكلما ند أحد من الجن والإنس وجد الأرض أحيط بها ولعل ما نقلناه عنهما أولى بالإعتماد
ويحمل عرش ربك فوقهم أي فوق الملائكة الذين على الإرجاء المدلول عليهم بالملك وقيل فوق العالم كلهم وقيل الضمير يعود على الملائكة الحاملين أي يحمل عرش ربك فوق ظهورهم أو رؤسهم
يومئذ ثمانية والمرجع وإن تأخر لفظا لكنه متقدم رتبة وفائدة فوقهم الدلالة على أنه ليس محمولا بأيديهم كالمعلق مثلا وأيد هذا واعتبار الظهور بما أخرج الترمذي وأبود داود وابن ماجه عن العباس بن عبد المطلب في حديث وفوق ذلك ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن ووركهن ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء إلى السماء والمراد بالأوعال وفيه ملائكة على صورة الأوعال كما قال ابن الأثير وغيره وهي جمع وعل بكسر العين تيس الجبل واستدل به على أن المراد ثمانية أشخاص والأخبار الدالة على ذلك كثيرة إلا أن فيها تدافعا من حيث دلالة بعضها على أن بعضهم على صورة الإنسان وبعضهم على صورة الأسد وبعضهم على صورة الثور وبعضهم على صورة النسر ودلالة بعض آخر على أن لكل واحد منهم أربعة أوجه وجه ثور ووجه نسر ووجه أسد ووجه إنسان وفيه لكل واحد منهم أربعة أجنحة أما جناحان فعلى وجهه مخافة من أن ينظر إلى العرش فيصعق وأما جناحان فيطير بهما وأبو حيان لم يقل بصحة شيء من ذلك حيث قال ذكروا في صفات هؤلاء الثمانية أشكالا متكاذبة ضربنا عن ذكرها صحفا وأخرج عبد بن حميد