كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)

الحال كبياض الوجه وسواده ولا يخفى حاله ويبصرونهم قيل من بصرته بالشيء إذا أوضحته له حتى يبصره ثم ضمن معنى التعريف أو حذف الصلة إيصالا وجمع الضميرين لعموم الحميم والجملة استئناف كأنه لما قيل لا يسأل الخ قيل لعله لا يبصره فقيل يبصرونهم وجوز أن تكون صفة أي حميما مبصرين معرفين إياهم وأن تكون حالا إما من الفاعل أو من المفعول أو من كليهما ولا يضر التنكير لمكان العموم وهو مسوغ للحالية ورجحت على الوصفية بأن التقييد بالوصف في مقام الإطلاق والتعميم غير مناسب وليس فيها ذلك فلا تغفل
وقرأ قتادة يبصرونهم مخففا مع كسر الصاد أي يشاهدونهم يود المجرم أي يتمنى الكافر وقيل كل مذنب
وقوله تعالى لو يفتدي من عذاب يومئذ أي العذاب الذي ابتلي به يومئذ
ببنيه وصاحبته وأخيه حكاية لودادتهم ولو في معنى التمني وقيل هي بمنزلة إن الناصبة فلا يكون لها جواب وينسبك منها ومما بعدها مصدر يقع مفعولا ليود والتقدير يود افتداءه ببنيه الخ والجملة استئناف لبيان أن اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ إلى حيث يتمنى أن يفتدي بأقرب الناس إليه وأعلقهم بقلبه فضلا أن يهتم بحاله ويسأل عنها وجوز أن تكون حالا من ضمير الفاعل على فرض أن يكون هو السائل فإن فرض أن السائل المفعول فهي حال من ضميره وقيل الظاهر جعلها من ضمير الفاعل لأنه المتمني وأيا ما كان فالمراد يود المجرم منهم وقرأ نافع والكسائي كما في أنوار التنزيل والأعرج يومئذ بالفتح على البناء للإضافة إلى غير متمكن وقرأ أبو حيوة كذلك وبتنوين عذاب فيومئذ حينئذ منصوب بعذاب لأنه في معنى تعذيب
وفصيلته أي عشيرته الأقريبن الذين فصل عنهم كما ذكره غير واحد ولعله أولى من قول الراغب عشيرته المنفصلة عنه وقال ثعلب فصيلته آباؤه الأدنون وفسر أبو عبيدة الفصيلة بالفخذ
التي تؤيه أي تضمنه انتماء إليها أولياذا بها في النوائب
ومن في الأرض جميعا من الثقلين الإنس والجن أو الخلائق الشاملة لهم ولغيرهم ومن للتغليب
ثم ينجيه عطف على يفتدي والضمير المرفوع للمصدر الذي في ضمن الفعل أي يود لو يفتدي ثم لو ينجيه الإفتداء وجوز أبو حيان عود الضمير إلى المذكور والزمخشري عوده إلى من في الأرض وثم الإستبعاد الإنجاء يعني يتمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم في فداء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات وقرأ الزهري تؤويه وينجيه بضم الهائين
كلا ردع للمجرم عن الودادة وتصريح بامتناع الإنجاء وضمير
إنها للنار المدلول عليها بذكر العذاب
وقوله تعالى
لظي خبر أن وهي علم لجهنم أو للدركة الثانية من دركاتها منقول من اللظى بمعنى اللهب الخالص ومنع الصرف للعلمية والتأنيث وجوز أن يراد اللهب على المبالغة كان كلها لهب خالص وحذف التنوين إما لإجراء الوصل مجرى الوقف أو لأنه علم جنس معدول عما فيه اللام كسحر إذا أردت سحرا بعينه
وقوله تعالى نزاعة للشوى أي الأطراف كاليد والرجل كما أخرجه ابن المنذر وابن حميد عن مجاهد وأبي صالح وقاله الراغب وغيره وقيل الأعضاء التي ليست بمقتل ولذا يقال رمى فأشوى إذا لم يقتل أو جمع شواة وهي جلدة الرأس وأنشدوا قول الأعشى
قالت قتيلة ما له ... قد جللت شيبا شواته
وروي هذا عن ابن عباس وقتادة وقرة بن خالد وابن جبير وأخرجه ابن أبي شيبة عن مجاهد وأخرج هو عن أبي صالح والسدي تفسيرها بلحم الساقين وعن ابن جبير العصب والعقب وعن أبي العالية محاسن الوجه وفسر نزعها لذلك بأكلها له فتأكله ثم يعود وهكذا نصب بتقدير أعني أو أخص وهو مراد من قال نصب على الإختصاص للتهويل وجوز أن يكون حالا والعامل فيها لظى وإن كان علما لما فيه من

الصفحة 60