كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 29)
والزجاج وصاحب المطلع انتهى وبحث فيه بأن حمل غيبه على الغيب الخاص بمعنى ما يتعلق بذاته تعالى وصفاته عز و جل مما لا يناسب السياق وبأن ظاهر ما قرره على احتمالالإستغراق يقتضي على تقدير اتصال الإستثناء وإيجاب ضد ما نفي للمستثنى أن يظهر الرسول على جميع غيبه تعالى إلى ما يظهر بالتأمل وذكر العلامة البيضاوي أولا ما يفهم منه على ما قيل حمل غيبه على العموم مع الإختصاص أي عموم الغيب المخصوص به علمه تعالىة وحمل فلا يظهر على سلب العموم وحمل الرسول على الرسول البشري واعتبار الإستثناء منقطعا على أن المعنى فلا يظهر على جميع غيبه المختص به علمه تعالى أحدا إلا من ارتضى من رسول فيظهره على بعض غيبه حتى يكون إخباره به معجزة فلا يتم الإستدلال بالآية على نفي الكرامة وفسر الإختصاص بأنه لا يعلمه بالذات ولكنه علما حقيقيا يقينيا بغير سبب كاطلاع الغير إلا هو سبحانه وأما علم غيره سبحانه لبعضه فليس علما للغيب إلا بحسب الظاهر وبالنسبة لبعض البشر وقيل أراد بالغيب المخصوص به تعالى ما لمك ينصب عليه دليل ولا يقدح في الإختصاص علم الغير به بإعلامه تعالى غذ هو إضافي بالنسبة إلى من لم يعلم وقال ثانيا في الجواب عن الإستدلال ولعله أراد الجواب عند القوم ما نصه وجوابه تخصيص الرسول بالملك والإظهار بما يكون بغير توسط وكرامات الأولياء على المغيبات إنما تكون تلقيا من الملائكة أي بالنفث في الروع ونحوه وحاصله أن الإستدلال إنما لم يتم لو تحقق كون المراد بالرسول رسول البشر والملك جميع لا أو رسول البشر فقط وبالإظهار الإظهار بواسطة أو لا والكل ممنوع إذ يجوز أن يخص الرسول برسول الملك وأن يراد بالإظهار الإظهار بلا واسطة ويكون المعنى فلا يظهر بلا واسطة على غيبه إلا رسل الملائكة ولا ينافي ذلك إظهار الأولياء على غيبه لا يكون إلا بالواسطة وهو جواب بمنع المقدمتين وإن كان يكفي فيه منع أحدهما كما فعل الإماموالتفتازاني في شرح المقاصد وتعقب بأن رسل البشر قد يطلعون بغير واسطة أيضا وفي قصة المعراج وتكليم موسى عليه السلام ما يكفي في ذلك على أنهقد قيل عليه بعد ما قيل وأغرب ما قيل في هذا المقام كون إلا في قوله تعالى إلا من ارتضى للعطف والمعنى فلا يظهر على غيبه أحد ولا من ارتضى من رسول وحاله لا يخفى ثم إن تفسير قوله تعالى فإن يسلك الخ بما سمعت هو الذي عليه جمهور المفسرين وكانت الحفظة الذين ينزلون مع جبريل عليه السلام على نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم على ما أخرج ابن المنذر وجماعة عن ابن جبير أربعة وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال ما أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم آية من القرآن إلا ومعها أربعة من الملائكة يحفظونها حتى يؤدونها إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قرأ عالم الغيب الآية وقد يكون الوحي أكثر من ذلك ففي بعض الأخبار أنه نزل مع سورة الأنعام سبعون ألف ملك وجاء في شأن آية الكرسي ما جاء وقال ابن كمال لا حت دقيقة بخاطري الفاتر قلما يوجد مثلها في بطون الدفاتر وهي أن المراد من بين يديه في الآية القوى الظاهرة ومن خلفه القوى الباطنة ولذلك قال سبحانه يسلك الخ أي يدخل حفظة من الملائكة يحفظون قواه الظاهرة والباطنة من الشياطين ويعصمونه من وساوسهم من تينك الجهتين ولو كان المراد حفظة من الجوانب كي لا يقربه الشياطين عند إنزال الوحي فتلقى غير الوحي أو تسمعه فتلقيه إلى الكهنة فتخبر به من قبل إخبار الرسول كما ذهب إليه صاحب التيسير وغيره لما كان نظم الكلام على الوجه المذكور فإن عبارة يسلك وتخصيص الجهتين المذكورتين إنما يناسب ما ذكرناه لا ما ذكروه انتهى ولا يخفى أنه نحو من الإشارة ولعل التعبير بيسلك على تفسير الجمهور لتصوير الجهات التي تأتي منها الشياطين بالثغور الضيقة والمسالك الدقيقة وفي ذلك من الحسن ما فيه وذهب إلى أن ضمير ليعلم لله تعالى وضمير أبلغوا