كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

وقيل في الكلام مضاف مقدر أي لثواب سعيها راضية وجوز كون اللام للتعليل أي لأجل سعيها في طاعة الله تعالى راضية حيث أوتيت وما أتيت من الخير وليس بذاك في جنة عالية مرتفعة المحل أو عليه القدر فالعلو إما حسي أو معنوي وجمع أبو حيان بينهما لا تسمع خطاب لكل منيصلح للخطاب أو هو مسند إلى ضمير الغائبة المؤنثة وهو راجع للوجوه على أن المراد بها أصحابها أو الإسناد مجازي وكذا يقال فيما قبل وأشار بعض إلى أن في الآية صنعة الأستخدام اختيارالأن المراد بالوجوه أو لا حقيقتها وعدن إرجاع الضمير إليها ثانيا أصحابها فهم الذينلا يسمعون فيها لاغية أي لغوا فهي مصدر ويجوز كونها صفة كلمة محذوفة على أنها للنسب أي كلمة ذات لغو وجوز على تقدير كونها صفة كون الإسناد مجازيا لأن الكلمة ملغو بها لا لاغية ويجوز أن تكون صفة نفس محذوفة أي لا تسمع فيها نفسا لاغية وجعلها مسموعة لوصفها بما يسمع كما تقول سمعت زيدا يقول كذا وجوز أن يكون ذلك على المجاز في الإسناد أيضا وقرأ الأعرج وأهل مكة والمدينة ونافع وابن كثير وأبو عمرو بخلاف عنهم لا تسمع بتاء التأنيث مبنيا للمفعول لاغية بالرفع وابن محيصن وعيسى وابن كثير وأبو عمرو كذلك إلا أنهم قرؤا بالياء التحتية لأن التأنيث مجازي مع وجود الفاصل والجحدري كذلك إلا أنه نصب لاغية على معنى لا يسمع فيها أحد لاغية من قولك أسمعت زيدا فيها عين جارية قيل يجري ماؤها ولا ينقطع وعدم الأنقطاع إما من وصف العين لأنها الماء الجاري فوصفها بالجريان يدل على المبالغة كما في نار حامية وأما من اسم الفاعل فإنه للأستمرار بقرينة المقام والتنكير للتعظيم واختار الزمخشري كونه للتكثير كما في علمت نفس أي عيون كثيرة تجري مياهها فيها سرر مرفوعة رفيعة السمك أو المقدار وقيل مخبوءة من رفعت لك كذا أي خبأته وأكواب وقداح لا عرالها موضوعة أي بين أيديهم وقيل على حافات العيون وجوز أن يراد موضوعة عن حد الكبار أوساط بين الصغر والكبر كقوله تعالى قدروها تقديرا ولا يخفى بعده ونمارق ووسائد قال زهير كهولا وشبانا حسانا وجوههم
على سرر مصفوفة ونمارق جمع نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما وفتحهما وبغير هاء مصفوفة صف بعضها إلى جنب بعض للإسناد أليها والإتكاء عليها وقال الكلبي وسائد موضوعة بعضها إلى جنب بعض كالشيء الذي جعل صفا أينما أراد أن يجلس المؤمن جلس على واحدة واستند إلى أخرى وعلى رأسه وصائف كأنهن الياقوت والمرجان وزرابي وبسط فاخرة كما قال غير واحد وقال الفراء هي الطنافس التي لها خمل وقيق وقال الراغب أنها في الأصل ثياب محبرة منسوبة إلى موضع ثم أستعيرت للبسط واحدها زربية مثلثة الزاي ولم يفرق في الصحاح بين الزرابي والنمارق والظاهر الفرق نعم قيل قد جاء نمارق بمعنى الزرابي ومنه نحن بنات طارق
نمشي على النمارق لظهور أن الوسائد لا يمشي عليها عادة مبثوثة مبسوطة أو مفرقة في المجالس أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت استئناف مسوق لتقرير ما فصل من حديث الغاشية وما هو مبني عليه من البعث الذي هم فيه مختلفون بالأستشهاد عليه بما لا يستطيعون إنكاره وأخرج عبد بن حميد وغيره عن قتادة لما نعت الله تعالى ما في الجنة عجب من ذلك أهل الضلالة فأنزل سبحانه وتعالى أفلا ينظرون الخ ويرجع هذا في الآخرة إلى إنكار البعث كما لا يخفى والهمزة للإنكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر

الصفحة 115