كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

كرم الله تعالى وجهه واستدلوا على ذلك بما افتروه عليه وعلى أهل بيته رضي الله تعالى عنهم أجمعين من الأخبار ومعنى قوله كرم الله تعالى وجهه أنا قسيم الجنة والنار إن صح أن الناس من هذه الأمة فريقان فريق معي فهم على هدى وفريق على فهم على ضلال فقسم معي في الجنة وقسم في النار ولعلهم عنوا أن عليا كرم الله تعالى وجهه يحاسب الخلائق بأمره عز و جل كما يقول غيرهم بأن الملائكة عليهم السلام يحاسبونهم بأمره جل وعلا وهو معنى لا ينافي الحصر الذي تقتضيه الآية لكنه لم يثبت وأي خصوصية في الأمير كرم الله تعالى وجهه من بين جميع الأنبياء والمرسلين المقربين عليهم الصلاة والسلام أجمعين نقتضيه ولا نقص له كرم الله تعالى وجهه في نفي ذلك عنه ويكفيه رضي الله تعالى عنه من ظهور شرفه يوم القيامة أنه يزف إلى الجنة بين النبي وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام كما جاء في الحديث إلى غير ذلك مما يظهر في ذلك اليوم والله تعالى أعلم
سورة الفجر
مكية في قول الجمهور وقال علي بن أبي طلحة مدنية وآيها اثنتان وثلاثون آية في الحجازي وثلاثون في الكوفي والشامي وتسع وعشرون في البصري ولما ذكر سبحانه فيما قبلها وجوه يومئذ خاشعة ووجوه يومئذ ناعمة أتبعه تعالى بذكر الطوائف المكذبين من المتجبرين الذين وجوههم خاشعة وأشار جل شأنه إلى الصنف الآخر الذين وجوههم ناعمة بقوله سبحانه فيها يا أيتها النفس المطمئنة وأيضا فيها ما يتعلق بأمر الغاشية ما فيها وقال الجلال السيوطي لم يظهر لي في وجه ارتباطها سوى أن أولها كالأقسام على صحة ما ختم به السورة التي قبلها أو على ما بضمنته من الوعد والوعيد هذا مع أن جملة ألم تر كيف فعل ربك مشابهة لجملة أفلا ينظرون وها كما ترى بسم الله الرحمن الرحيم والفجر أقسم سبحانه بالفجر كما أقسم عز و جل بالصبح في قوله تعالى والصبح إذا تنفس فالمراد به القجر المعروف كما روي عن علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس وابن الزبير وغيرهم رضي الله تعالى عنهم وقيل المراد عموده وضوءه الممتد وأصله شق الشيء شقا واسعاوسمى الصبح فجرا لكونه فاجرا لليل وهو كاذب لا يتعلق به حكم الصوم والصلاة وصادق به يتعلق حكمهما وقد تكلموا في سبب كل بما يطول وتقدم بعض منه ولعل المراد به هنا الصادق فهو أحرى بالقسم به والمراد عند كثير جنس الفجر لا فجر يوم مخصوص وعن ابن عباس ومجاهد فجر يوم النحر وعن عكرمة فجر يوم الجمعة وعن الضحاك فجر ذي الحجة وعن مقاتل فجر ليلة جمع وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب عن ابن عباس أنه قال هو فجر المحرم فجر السنة وروي نحوه عن قتادة وعن الحبر أيضا أنه النهار كله وأخرج ابن جرير عنه أيضا أنه قال يعني صلاة الفجر وروي نحوه عن زيد بن أسلم فهو إما على تقدير مضاف أو على إطلاقه على الصلاة مجازا وهو شائع وقيل المراد فجر العيون من الصخور وغيرها وليال عشر هن العشر الأولى من الأضحى كما أخرجه الحاكم وصححه وجماعة عن ابن عباس وروي عن ابن الزبير ومسروق ومجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم وأخرج ذلك أحمد والنسائي والحاكم وصححه والبزاز وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن جابر يرفعه ولها من الفضل ما لها وقد أخرج أحمد والبخاري عن ابن عباس مرفوعا ما من أيام فيهن العمل أحب إلى الله عز و جل وأفضل من أيام العشر قيل يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل جاهد في سبيل الله بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء وأخرج ابن المنذر وابن أبي

الصفحة 119