كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
حاتم عن ابن عباس أنهن العشر الأواخر من رمضان وروي أيضا عن الضحاك بل زعم التبريزي الأتفاق على أنهن هذه العشر وأنه لم يخالف فيه أحد واستدل له بعضهم بالحديث المتفق على صحته قالت عائشة رضي الله تعالى عنها كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا دخل العشر تعني العشر الأواخر من رمضان شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وتعقبه بعضهم بأن ذلك محتمل لأن يحظى عليه الصلاة و السلام بلية القدر لأنها فيها لا لكونها العشر المرادة هنا وعن ابن جريج أنهن العشر الأول من رمضان وعن يمان وجماعة أنهن العشر الأول من المحرم وفيها يوم عاشوراء وقد ورد في فضله ما ورد أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن عباس قال قدم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء فقال عليه الصلاة و السلام ما هذا اليوم الذي تصومونه قالوا هذا يوم عظيم أنجى الله تعالى فيه موسى وأغرق آل فرعون فيه فصامه موسى عليه السلام شكرا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فنحن أحق بموسى منكم فصامه صلى الله تعالى عليه وسلم وأمر بصيامه وصح في الصحيحين أنه عليه الصلاة و السلام أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم يومه ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه فكان الصحابة بعد ذلك يصومونه ويصومونه صبيانهم الصغار ويذهبون بهم إلى المسجد ويجعلون لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه إياها حتى يكون الإفطار وأخرج أحمد وغيره عن الحبر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما وجاء في الأمر بالتوسعة فيه على العيال عدة أحاديث ضعيفة لكن قال البيهقي هي وإن كانت ضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحدث قوة وأيا ما كان فتنكيرها للتفخيم وقيل للتيعيض لأنها بعض ليالي السنة أو الشهر والتفخيم أولى قيل ولو لا قصد ما ذكر كان الظاهر تعريفها كأخواتها لأنها ليال معهودة معينة وقدر بعضهم على إرادة صلاة الفجر فيما مر مضافا هنا أي وعبادة ليال ويقال نحوه فيما بعد على بعض الأقوال فيه وليس بلازم ولا أثر فيه وقرأ ابن عباس بالإضافة فضبطه بعضهم وليال عشر بلام دون ياء وبعضهم وليالي عشر بالياء وهو القياس والمراد وليالي أيام عشر فحذف الموصوف وهو المعدود وفي مثل ذلك يجوز التاء وتركها في العدد ومنه واتبعه بست من شوال وما حكاه الكسائي ضمنا من الشهر خمسا والمرجح للترك ههنا وقوعه فاصلة وجوز أن تكون بالإضافة بيانية وهو خلاف الظاهر والشفع والوتر هما على ما في حديث جابر المرفوع الذي أشرنا إليه فيما تقدم يوم النحر ويوم عرفة وقال الطيبي روينا عن الإمام أحمد والترمذي عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر ثم قال هذا وهو التفسير الذي لا محيد عنه النتهى وقد رواه عن عمران أيضا عبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وصححه لكن في البحر أن حديث جابر أصح إسنادا من حديث عمران بن حصين ووراء ذلك أقوال كثيرة فأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قال أقسم ربنا بالعدد كله منه الشفع ومنه الوتر وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد أنه قال الخلق كله شفع ووتر فأقسم سبحانه بخلقه وأخرج ابن المنذر وجماعة عنه أنه قال الله تعالى الوتر وخلقه سبحانه الشفع الذكر والأنثى وروي نحوه عن أبي صالح ومسروق وقرآ من كل شيء خلقنا زوجين وقيل المراد شفع تلك الليالي ووترها وقيل الشفع أيام عاد والوتر لياليها وقيل الشفع أبواب الجنة والوتر أبواب النار وقيل غير ذلك وقد ذكر في كتاب التحرير والتحبير مما قيل فيهما ستا وثلاثين قولا وفي الكشاف قد أكثروا في الشفع والوتر حتى كادوا يستوعبون أجناس ما يقعان فيه وذلك قليل الطائل جدير