كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

انتهى وهذا كما قال أبو حيان ذكره النحويون في القوافي المطلقة يعني المحركة إذا لم يترنم الشاعر وهو أحد وجهين للعرب إذا لم يترنموا والوجه الآخر الوقوف فيقولون العتاب وأصاب كحالهم إذا وقفوا على الكلمة في النثر وهذا الأعرابي أجرى الفواصل مجرى الوقف وعاملها معاملة القوافيالمطلقة ويسمى هذا التنوين تنوين الترنم ولا اختصاص له بالأسم ويغلب على ظني أنه قيل يكتب نونا بخلاف أقسام التنوين المختصة بالأسم وقوله تعالى هل في ذلك الح تحقيق وتقرير لفخامة الأشياء المذكورة المقسم بها وكونها مستحقة لأن تعظم بالأقسام بها فيدل على تعظيم المقسم عليه وتأكيده من طريق الكنلة فذلك إشارة إلى المقسم به وما فيه من معنى البعد لزيادة تعظيمه أي هل فيما ذكر من الأشياء قسم أي مقسم به لذي حجر أي هل يحق عنده أن يقسم به إجلالا وتعظيما والمراد تحقيق أن الكل كذلك وإنما أوثرت هذه الطريقة هضما للحق وإيذانا بظهور الأمر وهذا كما يقول المتكلم بعد ذكر دليل واضح الدلالة على مدعاه هل دل هذا على ما قلناه وجوز أن يكون التحقيق أن ذوي الحجر يؤكدون بمثل ذلك المقسم عليه فيدل أيضا على تعظيمه وتأكيده فذلك إشارة إلى المصدر أعني الأقسام هل في أقسامي بتلك الأشياء أقسام لذي حجر مقبول عنده يعتد به ويفعل مثله ويؤكد به المقسم عليه وحاصل الوجهين فيما يرجع إلى تأكيد المقسم عليه واحد إلا أن الوجه مختلف كما لا يخفى ولعل الأول أظهر والحجر العقل لأنه يحجر صاحبه أي يمنعه من التهافت فيما لا ينبغي كما سمي عقلا ونهية لأنه يعقل وينهى وحصاة من الإحصاء وهو الضبط وقال الفراء يقال أنه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها والمقسم عليه محذوف وهو ليعذبن كما ينبيء عنه قوله تعالى شأنه ألم تر كيف فعل ربك بعاد الخ فإنه استشهاد بعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم بما يدل عليه من تعذيب عاد وأضرابهم المشاركين لقومه عليه الصلاة و السلام في الطغيان والفساد على طرقة ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه الآية وقوله سبحانه ألم تر أنهم في كل واد يهيمنون وقال أبو حيان الذي يظهر أنه محذوف يدل عليه ما قبله من آخر سورة الغاشية وهو قوله تعالى إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم وتقديره لأيابهم إلينا وحسابهم علينا وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ والفجر إلى قوله سبحانه إذا يسر فقال هذا قسم على أن ربك لبالمرصاد وإلى أنه هو المقسم عليه ذهب ابن الأنباري وعن مقاتل أنه هل في ذلك الخ وهل بمعنى أن وهو باطل رواية ودراية إذ يبقى عليه قسم بلا مقسم عليه والمراد بعاد أولاد عاد بن عاص بن أرم ابن سام بن نوح عليه الصلاة و السلام قوم هود عليه السلام سموا باسم أبيهم كما سمي بنوا هاشم هاشما وإطلاق الأب على نسله مجاز شائع حتى ألحق بعضه بالحقيقة وقد قيل لأوائلهم عاد الأولى ولأواخرهم عاد الآخرة عماد الدين بن كثير كلما ورد في القرآن خبر عاد فالمراد بعاد فيه عاد الأولى إلا ما في سورة الأحقاف ويقال لهم أيضا إرم تسمية لهم باسم جدهم والتسمية بالجد شائعة أيضا وهو اسم خاص بالأولى وعليه قول ابن الرقيات مجدا تليدا بناه أوله
أدرك عادا وقبلها أرما ونحوه قول زهير وآخرين ترى الماذي عدتهم
من نسج داود أو ما أورثت إرما فقوله تعالى إرم عطف بيان لعلاد للأيذان بأنهم عاد الأولى تجوز أن يكون بدلا ومنع من الصرف للعلمية والتأنيث باعتبار القبيلة وصرف عاد باعتبار الحي وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة أيضا وقرأ الضحاك بذلك في إحدى الروايتين عنه ورجح اعتبار الصرف فيه بخفته لسكون وسطه وقدر بعضهم مضافا

الصفحة 122