كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
قوة كيف أهلك فكأنه قيل ألم تر كيف أهلك ربك عادا كهلاك ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وهو قول غريب غير قريب وقرأ الحسن يعاد رام بإضافة ماد إلى أرم فجاز أن يكون إرم جدا والوصفان لعاد وأن يكون مدينة والوصفان لازم وجوز أن يكون لعاد وقرأ ابن الزبير بعاد أرم بالإضافة أيضا إلا أن أرم بفتح الهمزة وكسر الراء قيل وهي لغة في المدينةلا غير وعن الضحاك أنه قرأ بعاد مصروفا وغير مصروف أرم بفتح الهمزة وسكون الراء للتخفيف وأصله أرم كفخذ وقريء إرم بإضافة إرم إلى ذات فقيل الأرم عليه العلم والمعنى بعاد أعلام ذات العماد وهي مدينتهم والتي صفة لذات العماد على الأظهر وعن ابن عباس أنه قرأ أرم بالتشديد فعلا ماضيا ذات بالنصب على المفعول به أي جعل الله تعالى ذات العماد رميما ويكون أرم على ما في البحر بدلا من فعل أو تبيينا له والمراد بذات العماد عليه إما غاد نفسها ويكون فيه وضع المظهر موضع المضمر والنكتة فيه ظاهرة وإما مدينتهم ويكون جعلها رميما أي إهلاكها كناية عن جعلهم كذلك وقرأ ابن الزبير لم يخلق مبينا للفاعل وهو ضميره عز و جل مثلها بالنصب على المفعولية وعنه أيضا لم نخلق بنون العظمة وثمود عطف على عاد وهي قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما عابر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام كانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك وكانوا يعبدون الأصنام ومنع الصرف للعلمية والتأنيث وقرأ ابن وثاب بالتنوين صرفه باعتبار الحي كذا قالوا وظاهره أنه عربي وقد صرح بذلك فقيل هو فعول من الثمد وهو الماء القليل الذي لا مادة له ومنه قيل فلان مثمود ثمدته النساء أي قطعن مادة مائه لكثرة غشيانه لهن ومثمود إذا كثر عليه السؤال حتى نفدت مادة ماله وحكى الراغب أنه عجمي فمنع الصرف للعلمية والعجمة الذين جابوا الصخر أي قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا نحتوها من الصخر كقوله تعالى وتنحتون من الجبال بيوتا قيل أول من نحت الحجارة والصخور والرخام ثمود وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها بالحجارة ولا أظن صحة هذا البناء بالواد هو وادي القرى وقريء بالياء آخر الحروف والباء للظرفية والجار والمجرور متعلق بجابوا أو بمحذوف هو حال من الفاعل أو المفعول وقيل الباء للألة أو السببة متعلقة بجابوا أي جابوا الصخر بواديهم أو بسببه أي قطعوا الصخر وشقوه وجعلوه واديا ومحلا لمائهم فعل ذوي القوة والآمال وهو خلاف الظاهر وأيا ما كان فالجواب القطع والظاهر أنه حقيقة فيه تقول جبت البلاد أجوبها إذا قطعتها قال الشاعر ولا رأيت قلوصاقبلها حملت
ستين وسقا ولا جابت بها بلدا ومن الجواب لأنه يقطع السؤال وقال الراغب الجواب قطع الجوبة وهي الغائط من الأرض ثم يستعمل في قطع كل أرض وجواب الكلام هو ما يقطع الجوب فيصل من فم القائل إلى سمع المستمع لكنه خص بما يعود من الكلام دون المبتدأ من الخطاب انتهى فاختر لنفسك ما يحلو وفرعون ذي الأوتاد وصف بذلك لكثرة جنوده وخيامهم التي يضربون أوتادها في منازلهم أو لأنه كان يدق للمعذب أربعة أوتاد ويشده بها مبطوحا على الأرض فيعذبه بما يريد من ضرب أو أحراق أو غيره وقد تقدم الكلام في ذلك الذين طغوا في البلاد إما مجرور على أنه صفة للمذكورين عاد ومن بعده أو منصوب أو مرفوع على الذم أي طغى كل طاغية منهم في البلاد وكذا الكلام في قوله تعالى فأكثروا فيها الفساد أي بالكفر وسائر المعاصي فصب عليهم ربك أي أنزل سبحانه إنزالا شديدا على كل طائفة من أولئك الطوائف عقيب ما فعلت من الطغيان والفساد سوط عذاب أي سوطا من عذاب على أن الإضافة بمعنى