كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
لا تؤاخذ به وروي نحو ذلك عن أبي صالح وقتادة وعطية وابن زيد والحسن والضحاك ولفظه يقول سبحانه أنت حل بالحرم فاقتل أن شئت أو دع وذلك يوم الفتح وقد قتل صلى الله تعالى عليه وسلم يومئذ عبد الله بن خطل وهو الذي كانت قريش تسميه ذا القلبين قدمه أبو برزة سعيد بن حرب الأسلمي فضرب بأمره صلى الله تعالى عليه وسلم عنقه وهو متعلق بأستار الكعبة وكان قد أظهر الإسلام وكتب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شيئا من الوحي فارتد وشنع على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بأن ما يمليه من القرآن منه عليه الصلاة و السلام لا من الله تعالى وقتل غيره أيضا كما هو مذكور في كتب السير ثم قال عليه الصلاة و السلام إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لا تحل لأحد قبلي ولن تحل لأحد بعدي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار فلا يعضد شجرها ولا يختلي خلالها ولا ينفر صيدهاولا تحل لقطتها إلا لمنشد فقال العباس يا رسول الله إلا إلا ذخر فإنه لقيوننا وقبورنا وبيوتنا فقال عليه الصلاة و السلام إلا الأذخر وتقديم المسند إليه على هذا للأختصاص كما أشير إليه في خبر ابن عباس وحل على معنى الستقبال بناء على أن نزول السورة قبل الهجرة التي هي قبل الفتح بكثير وفي خبر رواه عبد بن حميد عن ابن جبير ما هو ظاهر في أن الآية نزلت بعد أن ضرب أبو برزة عنق ابن خطل يوم الفتح فإن صح لا يكون في معنى الأستقبال لكن الجمهور على الأول وفي تعظيم المقسم به وتوكيد المقسم عليه بالقسام توكيد لما سيق له الكلام وهو على ما ذكر أن عاقبة الأحتمال والمكابدة إلى الفتح والظفر والغرض تسليته صلى الله تعالى عليه وسلم ثم ترشيحها بالتصريح بما سيكون من الغلبة وتعظيم البلد يدل على تعظيم من أحل له وفي الأقسام به توطئة للتسلية لأن تعظيم البلد تعظيم للساكن فيه وجوز أن يكون الحل على نحو ما ذكر في هذا الوجه لكن المعنى وأنت حل بهذا البلد مما يقترفه أهله من المآثم متحرج بريء منها والمعنى في الأقسام بالبلد تعظيمه وفي الأعتراض ترشيح التعظيم والتشريف بكون مثله صلى الله تعالى عليه وسلم في جلالة القدر ومنصب النبوة ساكنا فيه مباينا عليه الغاغة والهمج والفائدة فيه تأكيد المقسم عليه بأنهم من أهل الطبع فلا ينفعهم شرف مكان والمتمكن فيه كأنه قيل أقسم بهذا البلد الطيب بنفسه وبمن سكن فيه أن أهله لفي مرض قلب وشك لا يقادر قدره وقيل الحل صفة أو مصدر بمعنى الحال يقال حل أي نزل يحل حلا وحلولا ويقال أيضا هو حل بموضع كذا كما يقال حال به والقول بأن الصفة من الحلول حال لا حل ومصدر حل بمعنى نزل الحلول والحل بفتح الحاء والحلل فقط ناشيء من قلة التتبع والأعتراض لتشريفه صلى الله تعالى عليه وسلم بجعل حلوله عليه الصلاة و السلام مناطا لا عظام البلد بالقسام به وجعل بعض الأجلة الجملة على هذا الوجه حالا من هذا البلد وكذا جعلها بعضهم حالية على الوجهين قبل إلا أن الحال على ثانيهما مقارنة وعلى أولهما مقدرة أو مقارنة إن قيل أن النزول ساعة أحلت مكة وجعلها ابن عطية حالا على الوجه الأول أيضا أعني كون الحل بمعنى المستحل لكن قيده يكون لا نافية غير زائدة فتأمل وأيا ما كان ففي الإشارة وإقامة الظاهر مقام الضمير من تعظيم البلد ما فيهما ووالد عطف على هذا البلد المقسم به وكذا قوله تعالى وما ولد والمراد بالأول آدم عليه السلام وبالثاني جميع ولده على ما أخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس ورواه أيضا عن مجاهد وقتادة وابن جبير وقيل المراد آدم عليه السلام والصالحون من ذريته وقيل نوح عليه السلام وذريته وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران أنهما إبراهيم عليه السلام وجميع ولده وقيل إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل عليه السلام والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ادعى أنه ينبيء عن ذلك المعطوف عليه فإنه حرم إبراهيم ومنشأ إسماعيل ومسقط رأس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عليهن أجمعين وقال الطبري