كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
ذلك في كون إعرابه للتبعية وهو هنا ليس لها بل للتجرد وأجيب مع الإغماض عما في ذلك التعريف مما نبه على بعضه الرضي أما عن الأول فبان المراد أعرب بأعراب سابقه إن كان له إراب أو بأن المراد إراب بإعراب سابقه وجودا وعدما وقيل إطلاق التابع على ذلك ونحوه من الحرف والفعل الغير المعرب مجاز من حيث أنه مشابه للتابع لموافقته لسابقه فيما له وأما عن الثاني فبان الشيء قد يقصد لشيء وإن كان متحققا قبل ذلك الشيء لأمر آخر كالف التثنية وواو الجمع فإنه يؤتى بهما للدلالة على التثنية والجمع فيتحققان ويأتي عامل الرفع على المثنى والمجموع وهما فيهما قبله فيقصدان له وقال السيد عيسى المراد بقولهم كان ثان أعرب الخ كل ثان أعرب لو لم يكن معربا فتدبر ولا تغفل وجوز أن يكون يتزكى بتقدير لأن يتزكى متعلقا بيؤتي علة له ثم حذفت اللام وحذفها من أن وأن شائع ثم حذفت إن فارتفع الفعل أو بقي منصوبا كما في قول طرفة
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
فقد روي برفع أحضر وبنصبه وقيل أنه بتقدير لأن أو عن أن أحضر فصنع فيه نحو ما سمعت وأيا ما كان يدل الكلام على أن المراد بأيتائه صرفه في وجوه البر والخير وقرأ الحسن ابن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهميزكي بإدغام التاء في الزاي وما لأحد عنده من نعمة تجزى استئناف مقرر لما أفاده الكلام السابق من كون إيتائه للتزكي خالصا لله تعالى أي ليس عنده من شأنها أن تجزي وتكافأ فيقصد بإيتاء ما يؤتي مجازاتها ويعلم مما ذكر أن بناء تجزي للمفعول لأن القصد ليس لفاعل معين وقيل إن ذلك لكونه فاصلة وأصله يجز به إياها أو يجزيها إياه إلا ابتغاء وجهربه الأعلى منصوب على الأستثناء المنقطع من نعمة لأن الأبتغاء لا يندرج فيها فالمعنى لكنهفعل ذلك لابتغاء وجه ربه سبحانه ورضاه عز و جل لا لمكافأة نعمة وقرأ يحيى بن وثاب ابتغاء بالرفع على البدل من محل من نعمة فإنه الرفع إما على الفاعلية أو على الأبتداء ومن مزيدة والرفع في مثل ذلك لغة تميم وعليها قوله وبلدة ليس بها أنيس
إلا اليعافير وإلا العيس وروي بالرفع والنصب على ما في البحر قول بشر بن أبي حازم أضحت ذخلاء قفارا لا أنيس بها
إلا الجآذر والظلمان تختلف وجوز أن يكون نصبه على أنه مفعول له على المعنى لأن معنى الكلام لا يؤتى ماله لأجل شيءمن الأشياء إلا لأجل طلب رضا ربه عز و جل لا لمكافأة نعمة فهو استثناء مفرغ من أعم العلل والأسباب وإنما أول لأن الكلام أعني يؤتى ماله موجب والأستثناء المفرغ يختص بالنفي عند الجمهور لكنه لما عقب بقوله تعالى وما لأحد وقد قال سبحانه أو لا يتزكى متضما نفي الرياء والسمعة دل على المعنى المذكور وقرأ ابن أبي عبلة إلا ابتغاء مقصور وفيه احتمال النصب والرفع وهذه الآيات على ما سمعتنزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه لما أنه كان يعتق رقابا ضعافا فقال له أبو ما قال وأجابه هو بما أجاب وقد أوضحت ما أبهمه رضي الله تعالى عنه في قوله فيه إنما ماأريد وفي رواية ابن جرير وابن عساكر أنه قال أي أبه إنما أريد ما عند الله تعالى وفي رواية عطاء والضحاك عن ابن عباسأنه رضي الله تعالى عنه اشترى بلالا وكان رقيقا لأمية ابن خلف يعذبه لأسلامه برطل من ذهب فأعتقه فقال المشركون ما أعتقه أبو بكر الأليد كانت له عنده فنزلت وهو رضي الله تعالى عنه أحد الذين عذبوا لأسلامهم فاشتراهم الصديق وأعتقهم فقد أخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه أعتق سبعة كلهم يعذب في الله عز و جل بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها ودنيرة وأم عبيس وأمة بني المؤمل وفيه نزلت وسيجنبها الأتقى