كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
لأبي لهب كما قال الزركشي انتهى ولقائل أن يقول إن الشفاعة من آثار عمل المشفوع الخير أيضا فتأمل وسبب نزول الآية على ما أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه لما نزل ويطعمون الطعام على حبه كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه فيجيء المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والبسرة فيردونه ويقولون ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك ويقولون إنما وعد الله تعالى النار على الكبائر فنزلت الآية ترغبهم في القليل من الخير أن يعملوه وتحذرهم اليسير من الشر أن يعملوه وفيها من دلالة الخطاب ما لا يخفى وقد كان الصحابة رض عنهم بعدها يتصدون بما قل وكثر فقد روي أن عائشة رض عنها بعث إليها ابن الزبير بمائة ألف وثمانين ألف درهم في غرارتين فدعت بطبق وجعلت تقسمها بين الناس فلما أمست قالت لجارتها هلمي وكانت صائمة فجاءت بخبز وزيت فقالت ما أمسكت لنا درهما نشتري به لحما نفطر عليه فقالت لو ذكرتيني لفعلت وجاء في عدة روايات أنها أعطت سائلا يوما حبة من عنب فقيل لها في ذلك فقالت هذه أثقل من ذر كثير ثم قرأت الآية وروي نحو هذا عن عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك رض عنهم وكان غرضهم تعليم الناس أنه لا بأس بالتصديق بالقليل ولهم بذلك أسوة برسول الله ص - فقد أخرج الزجاجي في أماليه عن أنس بن مالك أن سائلا أتى النبي ص - فأعطاه تمرة فقال السائل نبي من الأنبياء تصدق بتمرة فقال عليه الصلاة و السلام أما علمت فيها مثاقيل ذر كثيرة وجاء أنه عليه الصلاة و السلام قال اتقوا النار ولو بشق تمرة ثم قرأ وتقديم عمل الخير لأنه أشرف القسمين والمقصود بالأصالة لا يخفى حسن موقعه ويعلم منه أن هذا الإحصاء لا ينافي كرمه عز و جل المطلق وما يحكى من أن أعرابيا أخر خيرا يره فقيل له قدمت وأخرت فقال خذا بطن هرشي أو قفاها فإنه
كلا جانبي هرشي لهن طريق فغفلة عن اللطائف القرآنية أو لعله أراد أنه فيما يتعلق بالعمل لا بأس به قدم أو أخر لا أن القراءة به جائزة وقرأ الحسين ابن علي على جده وعليهما الصلاة والسلام وابن عباس رض عنهما وعبد الله بن مسلم وزيد بن علي وأبو حيوة والكلبي وخليد بن نشيط وأبان عن عاصم والكسائي في رواية حميد بن الربيع عنه يره بضم الياء في الموضعين وقرأ هشام وأبو بكر يره بسكون الهاء فيها وأبو عمرو بضمها مشبعة وباقي السبعة بالإشباع في الأول والسكون في الثاني والإسكان في الوصل لغة حكاها الأخفش ولم يحكها سيبويه وحكاها الكسائي أيضا عن بني كلاب وبني عقيل وقرأ عكرمة يراه بالألف فيهما وذلك على لغة من يره الجزم بحذف الحركة المقدرة على حرف العلة كما حكى لأخفش أو على ما يقال في غير القرآن من توهم أن من موصولة لا شرطية كما قيل في قوله تعالى الأخفش أو على ما يقال في غير القرآن من توهم أن من موصولة لا شرطية كما قيل في قوله تعالى أنه من يتق ويصبر في قراءة من أثبت ياء يتق وجزم يصبر وجوز أن تكون الألف للأشباع والوجه الأول أولى والله تعالى أعلم
سورة العاديات
مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء مدنية في قول أنس وقتادة وإحدى الروايتين عن ابن عباس وقد أخرج عنه البزاز وابن المنذر وابن حاتم والدارقطني في الإفراد وابن مردويه أنه قال بعث ص - خيلا فاستمرت شهرا لا يأتيه منها خبر فنزلت والعاديات الخ