كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
يكون المقسم به النفوس العادية أثر كما لهن الموريات بأفكارهن أنوار المعارف والمغيرات على الهوى والعادات إذا ظهر لهن مثل أنوار القدس فأثرن به شوقا فوسطن بذلك الشوق جمعا من جموع العليين ومثله ما قيل أن ذلك قسم بالهمم القالبية التي تعدو في سبيل الله تعالى خارجا من جوف اشتياقها صوت الدعاء من شدة العدو وغاية الشوق بحيث يسمع الروحانيون ضجيج دعائها وتضرعها والتماسها سلوك الطريق الوعر الذى يتعلق بجبال القالب الموريات بحوافر الذكر نار الهداية المستكنة فى حجر القالب وقت تخمير اللطيفة والمغيرات بعد سلوكها فى جبال القالب الراسية فى ظلام الليل القالبى وعبورها عنها الى أفق عالم النفس وتنفس صبح النفس على الخواطر النفسية وشؤنها فهيجن بذلك الجرى غبار الخواطر وأثرنه لئلا يختفى خاطر من الخواطر فوسطن بذلك جمعا من جنود القوى القلبية وحزب الخواطر الذكرية التى هى حزب الرحمن فى وسط عالم النفس ولهم فى هذا الباب غير ذلك وأياما كان فالمقسم عليه قوله تعالى ان الانسان لربه لكنود أى لكفور جحود من كند النعمة كفرها ولم يشكرها وأنشدوا كنود لنعماء الرجال ومن يكن
كنود لنعماء الرجال يبعد وعن ابن عباس ومقاتل الكنود بلسان كندة وحضر موت العاصى وبلسان ربيعة ومضر الكفور وبلسان كنانة البخيل السىء الملكة ومنه الارض الكنود التى لاتنبت شيئا وقال الكلبى نحوه الا أنه قال وبلسون مالك البخيل ولم يذكر حضر موت بل اقتصر على كندة وتفسيره بالكفور هنا مروى عن ابن عباس والحسن وأخرجه ابن عساكر عم ابن امامة مرفوعا الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفى رواية أخرى عن الحسن انه قال هو اللائم لربه عز و جل يعد السيآت وينسى الحسنات وروى الطبرانى وغيره بسند ضعيف عن أبى امامة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أتدرون ماالكنود قالوا الله تعالى ورسوله أعلم قال هو الكفور الذى يضرب عبده ويمنع رفده ويأكل وحده وأخرج البخارى فى الادب المفرد والحكم الترمذى وغيرهما تفسيره بالذى يمنع رفده وينزل وحده ويضرب عبده موقوفا على أبى امامة والجمهور على تفسيره بالكفور وكل مما ذكر لايخلو عن كفران والكفران المبلغ فيه يجمع صنوفا منه وال فى الانسان للجنس والحكم عليه بما ذكر باعتبار بعض الافراد وقيل المراد به كافر معين لما روى عن ابن عباس أنها نزلت فى قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشى وأيد بقوله تعالى بعد أفلا يعلم الخ لانه لايليق الابالكافر وفى الامرين نظر وقيل المراد به كل الناس على معنى أن طبع الانسان يجمله على ذلك الا اذا عصمه الله تعالى بلطفه وتوفيقه من ذلك واختاره عصام الدين وقال فيه مدح للغزاة لسعيهم على خلاف طبعهم 0 ولربه متعلق بكنود واللام غير مانعة من ذلك وقدم للفاصلة مع كونه أهم من حيث ان الذم البالغ انما هو على كنود نعمته عز و جل وقيل للتخصيص على سبيل المبالغة وانه أى الانسان كما قال الحسن ومحمد بن كعب على ذلك أى على كنوده لشهيد لظهور أثره عليه فالشهادة بلسان الحال الذى هو أفصح من لسان المقال وقيل هى بلسان المقال لكن فى الآخرة وقيل شهيد من الشهود لامن من الشهادة بمعنى أنه كفور مع علمه بكفرانه وعمل السوء مع العلم به غاية المذمة والظاهر الاول وقال ابن عباس وقتادة ضمير أنه عائد على الله تعالى أى وان ربه سبحانه شاهد عليه فيكون الكلام على سبيل الوعيد واختاره التبريزى فقال هو الاصح لان الضمير يجب عوده الى أقرب مذكور قبله وفيه ان الوجوب ممنوع واتساق الضمائر وعدم تفكيكها يرجح الاول فان الضمير السابق أعنى ضمير لربه للانسان ضرورة وكذا الضمير اللاحق أعنى الضمير فى قوله تعالى وانه لحب الخير أى المال