كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
والبر من التبن وتخصيص ما في القلوب لأنه الأصل لأعمال الجوارح ولذا كانت الاعمال بالنيات وكان اول الفكر آخر العمل فجميع ماعمل تابع له فيدل على الجميع صريحا وكناية وقرأابن يعمر ونصر بن عاصم ومحمد بن أبي معدان وحصل مبنيا للفاعل وهو ضميره عز و جل وقرأ ابن يعمر ونصر ايضا حصل مبنيا للفاعل خفيف الصاد فما عليه هو الفاعل ان ربهم أي المبعوثين كنى عنهم بعد الاحياء الثاني بضمير العقلاء بعد ماعبر عنهم قبل ذلك بما بناء على تفاوتهم في الحالين بهم بذواتهم وصفاتهم وأحوالهم بتفاصيلها يومئذ أي يوم اذ يكون ماعد من بعث مافي القبور وتحصيل مافي الصدور والظرفان متعلقان بقوله تعالى لخبير أى عالم بظواهر ماعملوا وبواطنه علما موجبا للجزاء متصلا به كما ينىء عنه تقييده بذلك اليوم والا فمطلق علمه عز و جل بما كان وما سيكون 0 وقرأ أبو السمال والحجاج ان ربهم بهم يومئذ خبير بفتح همزة أن واسقاط لام التاكيد فان وما بعدها في تأويل مصدر معمول ليعلم على مااستظهره بعضهم وأيد به كون يعلم معلقة عن العمل في أن ربهم الخ على قراءة الجمهور لمكان اللام واذا على هذا لايجوز تعلقها بخبير أيضا لكونه في صلة ان المصدرية فلا يتقدم معموله عليها ويعلم أمره مما تقدم وقيل الكلام على تقدير لام التعليل وهي متعلقة بحصل كأنه قيل وحصل مافي الصدور لان ربهم بهم يومئذ خبير والاول أظهر والله تعالى أعلم وأخبر 0
سورة القارعة
مكية بلا خلاف وآيها احدى عشرة آية في الكوفي وعشرة في الحجازي وثمان في البصري والشامي ومناسبتها لما قبلها أظهر من أن تذكر 0 بسم الله الرحمن الرحيم
القارعة ماالقارعة وما أدريك ماالقارعة الجمهور على انها القيامة نفسها ومبدوها النفخة الاولى ومنتهاها فصل القضاء بين الخلائق وقيل صوت النفخة وقال الضحاك هي النار ذات التغيظ والزفير وليس بشيء وأياما كان فهي من القرع وهو الضرب بشدة بحيث يحصل منه صوت شديد وقد تقدم الكلام فيها وكذا مايعلم منه اعراب ماذكر في الكلام على قوله تعالى الحاقة ماالحاقة وماأدراك ماالحاقة وقرأ عيسى القارعة بالنصب وخرج على أنه باضمار فعل أى اذكر القارعة وقوله تعالى يوم يكون الناس كالفراش المبثوث قيل أيضا منصوب باضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر القارعة وتشويقه عليه الصلاة و السلام الى معرفتها اذكر يوم يكون الناس الخ فانه يدريك ما هي وقال الزمخشري ظرف لمضمر دلت عليه القارعة أي تقرع يوم وقال الحوفي ظرف تاتي مقدرا وبعضهم قدر هذا الفعل مقدما على القارعة وجعلها فاعلا له أيضا وقال ابن عطية ظرف للقارعة نفسها من غير تقدير ولم يبين أي القوارع أراد وتعقبه أبو حيان بانه ان اراد اللفظ الاول ورد عليه الفصل بين العامل وهو في صلة أل والمعمول بالخبر وهو لايجوز وان اراد الثاني أو الثالث فلا يلتئم معنى الظرف معه وأيد بقراءة زيد بن على يوم بالرفع على ذلك وقدر بعضهم المبتدأ وقتها والفراش قال في الصحاح جمع فراشة التي تطير وتهافت في النار وهو المروىى عن قتادة وقيل هو طير رقيق يقصد النار ولايزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق وقال الفراء هو غوغاء الجراد الذي ينتشر في الارض ويركب بعضه بعضا من الهول وقال صاحب التأويلات اختلفوا في تأويله على وجوه لكن كلها ترجع