كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الى معنى واحد وهو الإشارة الى الحيرة ةالاضطراب من هول ذلك اليوم واختار غير واحد ماروى عن قتادة وقالوا شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجىء والذهاب على غير نظام والتطاير الى الداعى من كل جهة حين يدوعهم الى المحشر بالفراش المتفرق المتطاير قال جرير 0 ان الفرزدق ماعلمت وقومه
مثل الفراش غشين نار المصطلى وتكون الجبال كالعهن أي الصوف مطلقا أو المصبوغ كما قيده الراغب به وقد تقدم الكلام فيه في المعارج وكان بمعنى صار أي وتصير جميع الجبال كالعهن المنفوش المفرق بالاصبع ونحوها في تفرق اجزائها وتطايرها في الجو حسبما ينطق به غير آية وقوله تعالى فأما من ثقلت موازينه الى آخره بيان اجمالي لتحزب الناس حزبين وتنبيه على كيفية الاحوال الخاصة بكل نهما اثر بيان الاحوال الشاملة للكل وهذا اشارة الى وزن الاعمال وهو مما يجب الايمان به حقيقة ولايكفر منكره ويكون بعد تطاير الصحف وأخذها بالايمان والشمائل وبعد السؤال والحساب كما ذكره الواحدي وغيره وجزم به صاحب كنز الاسرار بميزان له لسان وكفتان كاطباق السموات والارض والله تعالى أعلم بما هيته وقد روى القول به عن ابن عباس والحسن البصري وعزاه في شرح المقاصد لكثير من المفسرين وكانه بين الجنة والنار كما في نوادر الاصول وذكر يتقبل به العرش أخذ جبريل عليه السلام بعموده ناظرا الى لسانه وميكائيل عليه السلام أمين عليه والاشهر الاصح انه ميزان واحد كما ذكرنا لجميع الامم ولجميع الاعمال فقوله تعالى موازينه وهو جمع ميزان وأصله موزان بالواو لكن قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها قيل للتعظيم كالجمع في قوله تعالى كذبت عاد المرسلين في وجه أو باعتبار أجزائه نحو شابت مفارقه أو و باعتبار تعدد الافراد للتغاير الاعتباري كما قيل فى قوله
لمعان برق أو شعاع شموس
وزعم الرازي على مانقل عنه أن فيه حديثا مرفوعا وقال آخرون يوزن نفس الاعمال فتصور الصالحة بصور حسنة نورانية ثم تطرح في كفة النور وهي اليمنى المعدة للحسنات فتثقل بفضل الله تعالى وتصور الاعمال السيئة بصور قبيحة ظلمانية ثم تطرح في كفة الظلمة وهي الشمال فتخف بعدل الله تعالى وامتناع قلب الحقائق في مقام خرق العادات ممنوع أو مقيد ببقاء آثار الحقيقة الاولى وقد ذهب بعضهم الى أن الله تعالى يخلق أجساما على عدد تلك الاعمال من غير قلب لها وادعى ان فيه أثرا والظاهر ان الثقل والخفة مثلها في الدنيا فما ثقل نزل الى أسفل ثم يرتفع الى عليين وما خف طاش الى أعلى ثم نزل الى سجين وبه صرح القرطبي وقال بعض المتأخرين هما على خلاف مافي الدنيا وأن عمل المؤمن اذا رجح صعد وثقلت سيآته وان الكافر تثقل كفته لخو الاخرى من الحسنات ثم تلا والعمل الصالح يرفعه وفي كونه دليلا نظر وذكر بعضهم أن صفة الوزن أن يجعل جميع أعمال العباد في الميزان مرة واحدة الحسنات في كفة النور عن يمين العرش جهة الجنة والسيآت في كفة الظلمة جهة النار ويخلق الله تعلى لكل انسان علما ضروريا يدرك به خفة أعماله وثقلها وقيل نحوه الا ان علامة الرجحان عمود من نور يثور من كفة الحسنات حتى يكسو كفة السيآت وعلامة الخفة عمود ظامة يثور من كفة السيآت حتى يكسو كفة الحسنات فالكيفيات أربع وستظهر حقيقة الحال بالعيان وهو قال القرطبي لايكون في حق كل أحد لما في الحديث الصحيح فيقال يامحمد أدخل الجنة من أمتك من لاحساب عليهم من الباب الايمن الحديث وأخرى الانبياء عليهم السلام وقوله سبحانه يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام وانما يبقى الوزن لمن شاء الله تعالى من الفريقين وذكر القاضي منذر بن سعيد البلوطي أن أهل الصبر لاتوزن أعمالهم وانما يصب لهم

الصفحة 221