كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الأجر صبا والظاهر أنه يدرج المنافق في الكافر والحق أن أعمالهم مطلقا توزن لظواهر الآيات والاحاديث الكثيرة والمراد في الآية وزنا نافعا والصحيح ان الجن مؤمنهم وكافرهم كالانس في هذا الشأن كما قرر في محله والتقسيم فيما نحن فيه على ماسمعت عن القرطبي بالنسبة الى من توزن أعماله لابالنسبة الى الناس مطلقا وأنكر المعتزلة الوزن حقيقة وجماعة من أهل السنة والجماعة منهم مجاهد والضحاك والاعمش قالوا ان الاعمال أعراض ان أمكن بقاؤها لايمكن وزنها فالوزن عبارة عن القضاء السوي والحكم العادل وجوزوا فيما هنا أن تكون الموازين جمع موزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله تعالى وان معنى ثقلها رجحانها وروى هذا عن الفراء أي فمن ترجحت مقادير حسناته وزنها فهو في عيشة راضية المشهور جعل ذلك من باب النسب أي ذات رضا وجوز ان تكون راضية بمعنى المفعول أى مرضية على التجوز في الكلمة نفسها وأن يكون الاسناد مجازيا وهو حقيقة الى صاحب العيشة وجوز ان يكون في الكلام استعارة مكنية وتخييلية على ماقرر في كتب المعاني لكن ذكر بعض الاجلة ههنا كلاما نفسيا وهو أن ماكان للنسب يؤول بذي كذا فلا يؤنث لانه لم يجر على موصوف فالحق بالجوامد ونقل عن السيرافي انه قال يقدح فيما عللوا به سقوط الهاء في عيشة راضية وفيه وجهان أحدهما أن تكون بمعنى انها راضية أهلها فهي ملازمة لهم راضية بهم والآخر أن تكون الهاء للمبالغة كعلامة ورواية ووجه بان الهاء لزمت لئلا تسقط الياء فيخل بالبنية كناقة مشلية وكلبة مجرية وهم يقولون ظبية مطفل ومشدان وباب مفعل ومفعال لا يؤنث وقد ادخلوا الهاء في بعضه كمصكة انتهى ثم قال ان هذا حقيق بالقبول ومحصله الجواب بوجوه أحدهما ان راضية هنا فيه ليس من باب النسب بل هو اسم فاعل أريد به لازم معناه لان من شاء شيئا ورضى به لازمه فهو مجاز مرسل أو استعارة ويجوز ان يراد أنه مجاز في الاسناد وما ذكر بيان لمعناه الثاني ان الهاء للمبالغة ولا تختص بفعال ولذا مثل برواية أيضا والثلث أنه يجوز الحاق الهاء في المعتل لحفظ البنية ومصكة اما شاذا ولتشبه المضاعف بالمعتل انتهى فاحفظه فانه نفيس خلاعنه أكثر الكتب وأما من خفت موازينه بان لم يكن له حسنة يعتد بها او ثقلت سيآته على حسناته فأمه أي فماواه كما قال ابن زيد وغيره هاوية أريد بها النار كما يؤذن به قوله تعالى وما أدريك ماهيه نار حامية فانه تقرير لها بعد ابهامها والاشعار بخروجها عن المعهود للتفخيم والتهويل وذكر أن اطلاق ذلك عليها لغاية عمقها وبعد مهواها فقد روى أن أهل النار تهوى فيها سبعين خريفا وخصها بعضهم بالباب الاسفل من النار وعبر عن المأوى بالام عل التشبيه بها فالام مفزع الولد ومأواه وفيه تهكم به وقيل شبه النار بلام في انها تحيط به احاطة رحم الولد بالام 0 وعن قتادة وأبي صالح وعكرمة والكلبي وغيرهم المعنى فام رأسه هاوية في قعر جهنم لانه يطرح فيها منكوسا وفي رواية أخرى عن قتادة هو من قولهم اذا دعوا على الرجل بالهلكة هوت أمه لانه اذا هوى أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلا وحزنا ومن ذلك قول كعب بن سعد الغنوي هوت أمه مايبعث الصبح غاديا
وماذا يرد الليل حين يؤب وفي الكشف ان هذا أحسن ليطابق قوله سبحانه في عيشة راضية وما فيه من المبالغة وقال الطيبي أنه الاظهر وللبحث فيه مجال والضمير أعنى هي عليه للداهية التي التي دل عليها الكلام وعلى ما قدمناه لهاوية وعلى الوجه الثاني لما يشعر به الكلام كأنه قيل فأم رأسه هاوية في نار وما أدراك ماهيه الخ والهاء الملحقة في هيه هاء السكت وحذفها في الوصل ابن أبي اسحق والاعمش وحمزة وأثبتها الجمهور ورفع نار على انها خبر

الصفحة 222