كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

للكافرين وما بعد للمؤمنين وهو خلاف الظاهر كلا لو تعلمون علم اليقين أي لو تعلمون مابين أيديكم علم الأمر المتيقن أي كعلمكم ماتستيقنونه من الامور فالعلم مضاف للمفعول واليقين بمعنى المتيقن صفة لمقدور وجوز أبو حيان كون الاضافة من اضافة الموصوف الى صفته أي العلم اليقين وفائدة الوصف ظاهرة بناء على أن العلم يطلق على غير اليقين وجواب لو محذوف للتهويل أي لو تعلمون كذلك لفعلتم مالايوصف ولايكتنه أو لشغلكم ذلك عن التكاثر وغيره أو نحو ذلك وقوله تعالى لترون الجحيم جواب قسم مضمور أكد به الوعيد وشدد به التهديد وأوضح به ماأنذروه بعد ابهامه تفخيما ولايجوز أن يكون جواب لو الامتناعية لانه محقق الوقوع وجوابها لايكون كذلك وقيل يجوز ويكون المعنى سوف تعلمون الجزاء ثم قال سبحانه لو تعلمون الجزاء علم اليقين الآن لترون الجحيم يعني تكون الجحيم دائما في نظركم لاتغيب عنكم وهو كما ترى ثم لترونها تكرير للتأكيد وثم للدلالة على الابلغية وجوز أن تكون الرؤية الاولى اذا رأتهم من بعيد والثاني اذا دخلوها أو وردوها والثانية اذا دخلوها أو الاولى المعرفة والثانية المشاهدة والمعاينة وقيل يجوز أن يكون المراد لترون الجحيم غير مرة اشارة الى الخلود وهذا نحو التثنية في قوله تعالى فارجع البصر كرتين وهو خلاف الظاهر جدا عين اليقين أي الرؤية التي هي نفس اليقين فان الانكشاف بالرؤية والمشاهدة فوق سائر الانكشافات فهو أحق بأن يكون عين اليقين فعين بمعنى النفس مثله في نحو جاء زيد نفسه وهو صفة مصدر مقدر أي رؤية عين اليقين والعامل فيه لترونها وجوز أن يكون متنازعا فيه للفعلين قبله وفي اطلاقه كلام لاأظنه يخفى عليك واليقين في اللغة على ما قال السيد السند العلم الذي لاشك فيه وفي الاصطلاح اعتقاد الشىء انه كذا مع اعتقاد انه لايمكن الا كذا اعتقادا مطابقا للواقع غير ممكن الزوال وقال الراغب اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدراية واخوتهما يقال علم يقين ولايقال معرفة يقين وهو سكون النفس مع ثبات الفهم وفسر السيد اليقين بما سمعت ونقل عن أهل الحقيقة عدة تفسيرات فيه وعلم اليقين بما أعطاه الدليل من ادراك الشىء على ماهو عليه وعين اليقين بما أعطاه المشاهدة والكشف وجعل وراء ذلك حق اليقين وقال على سبيل المثال علم كل عاقل بالموت علم اليقين واذا عاين الملائكة عليهم السلام غهو عين اليقين واذا ذاق الموت فهو حق اليقين واهم غير ذلك ومبنى اكثر ماقالوه على الاصطلاح فلاتغفل وقرأ ابن عامر والكسائى لترون 0 بضم التاء وقرأعلي كرم الله وجهه وابن كثير في رواية وعاصم كذلك بفتحها في لترون وضمها في لترونها ومجاهد وأشهب وابن أبي عبلة بضمها فيهما وروى عن الحسن وأبي عمر وبخلاف عنهما أنهما همزا الواوين ووجه بانهم استثقلوا الضمة على الواو فهمزوا للتخفيف كما همزوا في وقت وكان القياس ترك الهمز لان الضمة حركة عارضة لالتقاه الساكنين فلا يعتد بها لكن لما لزمت الكلمة بحيث لاتزول أشبهت الحركة الاصلية فهمزوا وقد همزوا من الحركة العارضة التي تزول في الوقف نحو اشترؤا الضلالة فالهمز من هذه أولى ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم قيل الخطاب للكفار وحكى ذلك عن الحسن ومقاتل واختاره الطيبي والنعيم عام لكل مايتلذذ به من مطعم ومشرب ومفرش ومركب وكذا قيا قيل في الخطابات السابقة وقد روى عن ابن عباس انه صرح بان الخطاب في لترون الجحيم للمشركين وحملوا الرؤية عليه على رؤية الدخول وحملوا السؤال هنا على سؤال التقريع والتوبيخ لما أنهم لم يشركوا ذلك بالايمان به عز و جل والسؤال قيل يجوز أن يكون

الصفحة 225