كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

بعد رؤية الجحيم ودخولها كما يسئلون كذلك عن اشياء أخر على مايؤذن به قوله تعالى كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير وقوله سبحانه ماسلككم في سقر وذلك لانه اذ ذاك أشد ايلاما وأدعى للاعتراف بالتقصير فثم على ظاهرها وأن يكون في موقف الحساب قبل الدخول فتكون ثم للترتيب الذكرى وقيل الخطاب مخصوص بكل من ألهاه دنياه عن دينه والنعيم مخصوص بما شغله عن ذلك لظهور أن الخطاب في ألهاكم الخ للملهين فيكون قرينة على ماذكر وللنصوص الكثيرة كقوله تعالى قل من حرم زينة الله وكلوا من الطيبات وهذا أيضا يحمل السؤال على سؤال التوبيخ ويدخل فيما ذكر الكفار وفسقة المؤمنين وقيل الخطاب عام وكذا السؤال يعم سؤال التوبيخ وغيره والنعيم خاص واختلف فيه على أقوال فاخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن مسعود مرفوعا هو الامن والصحة وأخرج البيهقي عن الامير علي كرم الله تعالى وجهه قال النعيم العافية وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء مرفوعا أكل خبز البر والنوم في الظل وشرب ماء الفرات مبردا وأخرج ابن جرير عن ثابت البناني مرفوعا النعيم المسئول عنه يوم القيامة كسرة تقوته وماء يرويه وثوب يواريه وأخرج الخطيب عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفسره قال الخصاف والماء وفلق الكسر وروى عنه وعن جابر أنه ملاذ المأكول والمشروب وقال الحسين بن فضل هو تخفيف الشرائع وتيسير القرآن ويروى عن جابر الجعفي من الامامية قال دخلت على الباقر رضى الله تعالى عنه فقال ما يقول أرباب التأويل في قوله تعالى لتسئلن يومئذ عن النعيم فقلت يقولون الظل والماء البارد فقال لو أنك ادخلت بيتك أحدا وأقعدته في ظل وسقيته اتمن عليه قلت لا فقال فالله تعالى أكرم من ان يطعم عبده ويسقيه ثم يسأله عنه قلت ما تأويله قال النعيم هو رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنعم الله تعالى به على أهل العالم فاستنقذهم به من الضلالة اما سمعت قوله تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا ومن رواية العياشي من الامامية ايضا ان ابا عبد الله رضى الله تعالى عنه قال لابي حنيفة رضى الله تعالى عنه في الآية ماالنعيم عندك يانعمان فقال القوت من الطعام والماء البارد فقال ابو عبدالله لئن أوقفك الله تعالى بين يديه حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه فقال أبو حنيفة فما النعيم قال نحن أهل البيت النعيم أنعم الله تعالى بنا على العباد وبنا ائتلفوا بعد ان كانوا مختلفين وبنا ألف الله تعالى بين قلوبهم وجعلهم اخوانا بعد ان كانوا أعداء وبنا هداهم الى الاسلام وهو النعمة التي لاتنقطع والله تعالى سائلهم عن حق النعيم الذي انعم سبحانه به عليهم وهو محمد وعترته عليه وعليهم الصلاة والسلام وكلا الخبرين لاأرى لهما صحة وفيهما ما ينادي عن عدم صحتهما كما لايخفى على من ألقى السمع وهو شهيد والحق عموم الخطاب والنعيم بيد أن المؤمن لايثرب عليه في شيء ناله منه في الدنيا بل يسئل غير مثرب وانما يثرب على الكافر كما ورد ذلك في حديث رواه الطبراني عن ابن مسعود ويدل على عموم الخطاب مأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون عن أبي هريرة قال خرج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذات يوم فاذا هو بأبي بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما فقال ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة قالا الجوع يا رسول الله قال والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما فقوموا فقاموا معه عليه الصلاة و السلام فاتى رجلا من الانصار فاذا هو ليس في بيته فلما رأته صلى الله تعالى عليه وسلم المرأة قالت مرحبا فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اين فلان قالت انطلق يستعذب لنا الماء اذ جاء الانصاري فنظر الى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وصاحبيه فقال الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني فانطلق فجاء بعذق فيه بسر وتمر فقال كلوا من هذا وأخذ المدية فقال له رسول الله تعالى عليه وسلم اياك والحلوب فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك

الصفحة 226