كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
في قوله سبحانه لينبذن في الحطمة الخ بسم الله الرحمن الرحيم ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل الظاهر ان الخطاب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والهمزة لتقرير رؤيته عليه الصلاة و السلام بانكار عدمها وهى بصرية تجوز بها عن العلم على سبيل الاستعارةالتبعية أوالمجاز المرسل لانها سببيه ويجوز جعلها علمية من اول الامرالا ان ذاك أبلغ وعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك لما أنه سعه متواترا وكيف في محل نصب على المصدرية بفعل والمعنى أي فعل فعل وقيل على الحالية من الفاعل واكيفية حقبقة للفعل لابا لم تر لمكان الاستفهام والجملة سادة مسد المفعولين لتر وجوز بعضهم نصب كيف بتر لانسلاخ معنى الاستفهام عنه كما في شرح المفتاح الشريفي وصرح أبو حيان بامتناعه لانه يراعى صدارته ابقاء لحكم اصله وتعليق الرؤية بكيفية فعله تعالى شانه لابنفسه بان يقال الم تر مافعل ربك الخ لتهويل الحادثة والايذان بوقوعها على كيفية هائلة وهيئة عجيبة دالة على عظم قدرة الله تعالى وكمال علمه وحكمته وغريبته وشرف رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم فان ذلك كما قال غير واحد من الارهاصات لما روى ان القصة وقعت في السنة اتي ولد فيها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال ابراهيم بن المنذر شيخ البخاري لايشك في ذلك أحد من العلماء وعليه الاجماع وكل ماخالفه وهم أي من أنها كانت قبل بعشر سنين أو بخمس عشرة سنة أو بثلاث وعشرين سنة أو بثلاثين سنة أو بأربعين سنة أو بسبعين سنة الاقوال المذكورة في كتب السير وعلى الاول المرجح الذي عليه الجمهور قبل ولادته عليه الصلاة و السلام في اليوم الذي بعث الله تعاى فيه الطير على اصحاب الفيل من ذلك العام وهوالمذكور في تاريخ ابن حبان وهو ظاهر قول ابن عباس ولد عليه الصلاة و السلام يوم الفيل وذهب السهيلي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ولد بعدها بخمسين يوما وكانت في المحرم والولادة في شهر ربيع الاول وقال الحافظ الدمياطي بخمسة وخمسن يوما وقيل باربعين وقيل بشهر والمشهور ماذهب اليه السهيلي وفي قوله تعالى ربك نوع رمز الى الارهاص وكون ذلك لشرف البيت ودعوة الخليل عليه السلام لاينافي الارهاص وكذا لاينافيه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم في الحديبية لما بركت ناقته وقال الناس خلأت أي حزنت ماخلأت ولكن حبسها حابس الفيل اذ لم يدع أن ما كان للارهاص لاغير ومثل هذه العلل الايض تعددها ويؤيد الارهاص قصة القرامطة وغيرهم وتفصيل القصة أن ابرهة الاشرم بن الصباح الحبشي كما قال ابن اسحق وغيره وهو الذي يكنى بأبي يكسوم بالسين المهملة ولايأباه التسمية بابرهة بناء على أن معناه بالحبشة الابيض الوجه كما لايخفى وقيل أنه الحميري خرج على ارباط ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بكسر النون بعد سنتين من سلطانه فتبارزا وقد أرصد الاشرم خلفه غلامه عتورة فحما عليه ارباط بحرية فضربه يريد يافوخه فوقعت على جبهته فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته ولذا سمي الاشرم فحمل عتورة من خلف أبرهة فقتله ملك مكانه فغضب النجاشي فاسترضاه فرضى فاثبته ثم أنه بنى بصنعاء كنيسة لم يرى مثلها في زمانها القليس سماها بقاف مضمومة ولام مفتوحة مشددة كما في ديوان الادب أو مخففة كما قيل وبعدها ياء مثناة سفلية ثم سين مهملة وكان ينقل اليها الرخام المجزع والحجارة المنقوشة بالذهب على مايقال من قصر بلقيس زوج سليمان عليه السلام وكتب الى النجاشى انني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبنى مثلها قبلك ولست بمنته حتى أصرف اليها حج العرب فلما تحدثت العرب بكتابه ذلك غضب رجل من النساءة أحد بني فقيم ابن عدي من كنانة فخرج حتى أتاها فقعد فيها أي أحدث ولطخ قبلتها بحدثه ثم خرج ولحق بأرضه فأخبر أبرهة