كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
حتى انصدع صدره عن قلبه وقد أشار الى ذلك ابن الزبعري بقوله من أبيات يذكر فيها مكة سائل أمير الحبش عنا ماترى
ولسوف ينبي الجاهلين عليمها ستون ألفا لم يؤبوا أرضهم
بل لم يعش بعد الاياب سقيمها ولهم في ذلك شعر كثير ذكر ابن هشام جملة منه في سيره وفيها أن الطير لم تصب كلهم وذكر بعضهم انه لم ينج منهم غير واحد دخل على النجاشي فاخبره الخبر والطير على رأسه فلما فرغ ألقى عليه الحجر فخرقت البناء ونزلت على رأسه فالحقته بهم وقيل ان سائس الفيل وقائده تخلفا في مكة فسلما فعن عائشة أنها قالت أدركت قائد الفيل وسائسه بمكة أعمين مقعدين يستطعمان الناس وعن عكرمة انه من أصابه الحجر جدرته وهو في أول جدري ظهر أي بارض العرب فعن يعقوب بن عتبة انه احدث ان أول ي ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام أنه أول مارؤى بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام أيضا ويروى أن عبد المطلب لما ذهب الى شعف الجبال بمن معه بقى ينتظر مايفعل القوم ومايفعل بهم فلما أصبح بعث أحد أولاده على فرس له سريع ينظر مالقوا فذهب فاذا القوم مشدخين جميعا فرجع رافعا رأسه كاشفا عن فخذه فلما رأى ذلك أبوه قال ألا ان ابني أفرس العرب وما كشف عن عورته الا بشيرا او نذيرا فلما دنا من ناديهم قالوا ماوراءك قال هلكوا جميعا فخرج عبد المطلب وأصحابه اليهم فأخذوا أموالهم وقال عبد المطلب أنت منعت الحبش والافيالا
وقد رعوا بمكة الاحبالا وقد خشينا منهم القتالا
وكل أمر منهم معضالا شكرا وحمدا لك ذا الجلالا هذا ومن أراد استيفاء القصة على أتم مما ذكر فعليه بمطولات كتب السير وقرأ السلمي ألم تر بسكون الراء جدا في اظهار أثر الجازم لان جزمه بحذف آخره فاسكان ماقبل اللآخر للاجتهاد في اظهار أثر الجازم قيل والسر فيه هنا الاسراع الى ذكر مايهم من الدلالة على أمر الالوهية والنبوة أو الاشارة الى الحث في الاسراع بالرؤية ايماء الى ان امرهم على كثرتهم كان كلمح البصر من لم يسارع الى رؤيته لم يدركه حق ادراكه وتعقب هذا بان تقليل البنية يدل على قلة المعنى وهو الرؤية لا على قلة زمانه وقيل لعل السر فيه الرمز من أول الامر الى كثرة الحذف في أولئك القوم فتدبر وقوله تعالى ألم يجعل كيدهم في تضليل الخ بيان اجمالي الى مافعل الله تعالى بهم والهمزة للتقرير كما سبق ولذلك عطف على الجملة الاستفهامية مابعدها كأنه قبل قد جعل كيدهم في تعطيل الكعبة وتخريبها وصرف شرف أهلها لهم في تضييع وابطال بان دمرهم أشنع تدمير وأصل التضليل من ضل عنه اذا ضاع فاستعير هنا للابطال ومنه قيل لامرىء القيس الضليل لانه ضلل ملك أبيه وضيعه وأرسل عليهم طيرا أبابيل أي جماعات أي جمع ابالة بكسر الهمزة وتشديد الباء الموحدة وحكى الفراء ابالة مخففا وهي همزة الحطب الكبيرة شبهت بها الجماعة من الطير في تضامنها وتستعمل أيضا في غيرها ومنه قوله كادت تهد من الاصوات راحلتي
اذ الارض بالجرد الابابيل وقيل واحده ابول مثل عجول وعقيل ابيل مثل سكين وقيل أبال وقال ابو عبيدة والفراء لاىواحد له من لفظه كعبابيد الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه والشماميط القطع المتفرقة وجاءت هذه الطير على ماروى عن جمع من جهة البحر ولم تكن نجدية ولاتهامية ولاحجازية وزعم بعض ان حمام