كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الحرم من نسلها ولايصح ذلك ومثله مانقل عن حياة الحيوان من انها تعشعش وتفررخ بين السماء والارض وقد تقدم الخلاف في لونها وعن عكرمة كأن وجوهوها مثل وجوه اسباع لم تر قبل ذلك ولابعده ترميهم يحجارة صفة أخرى لطير وعبر بالمضارع لحكاية الحال واستحضار تلك الصورة البديعة وقرأ أبو وأبو يعمر وعيسى وطلحة فى رواية يرميهم بالباء التحتية والضمير المستتر للطير أيضا والتذكير لانه اسم جمع وهو على ماحكى الخفاجى لازم التذكير فتأنيثه لتأويله بالجماعة وقيل يجوز الامران وهو ظاهر كلام أبى حيان وقيل الضمير عائد على ربك وليس بذاك ونسبة القراءة امذكورة لابى حنيفة رضى الله تعالى عنه حكاها فى البحر وعن صاحب النشر أنه رضى الله تعالى عنه لاقراءة له وان القراآت المنسوبة له موضوعة من سجيل صفة حجارة أى كائنة من طين متحجر معرب سنك كل وقيل هو عربى من السجل بالكسر وهو الدلو الكبيرة ومعنى كون الحجارة من الدلو أنها متتابعة كثيرة كالماء الذى يصب من الدلو ففيه استعارة مكنية وتخييلية وقيل من الاسجال بمعنى الارسال والمعنى من مثل شىء مرسل ومن فى جميع ذلك ابتدائية وقيل من السجل وهو الكتاب أخذ من السجين وجعل علما للديوان 3 الذى كتب فيه عذاب الكفار والمعنى من جملة العذاب المكتوب المدون فمن تبضيعية واختلف في حجم الطير وكذا فى حجم تلك الحجارة فمر أنها مثل الخطاطيف وان الحجارة أمثال الحمص والعدس وأخرج أبو نعيم عن نوفل بن أبى معاوية الديلمى انه قال رأيت الحصى التى رمى بها اصحاب الفيل حصى مثل الحمص واكبر من العدس حمر بحتمة 1 كأنها جزع ظفار وأخرج أبو نعيم فى الدلائل عن ابن عباس أنه قال حجارة مثل البندق وفى رواية ابن مردويه عنه مثل بعر الغنم وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبى حاتم عن عبيد بن عمير أنه قال فى الآية هى طير خرجت من قبلة البحر كانها رجال السند معها حجارة أمثال الابل البوارك وأصغرها مثل رؤس الرجال أصابته ولاأصابته الا قتلته والمعول عليه ان الطير فى الحجم كالخطاطيف وأن الحجارة منها ماهو كالحمصة ودوينها وفويقها وروى ابن مردويه وأبو نعيم عن أبى صالح انه مكتوب على الحجر اسم من رمى به واسم أبيه رأى ذلك عند أم هانىء فجعلهم كعصف مأكول كورق زرع وقع فيه الاكال وهو أن يأكله الدود أوأكل حبه فبقى صفرا منه والكلام على هذا على حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقمه أو على الاسناد المجازي والتشبيه بذلك لذهاب أرواحهم وبقاء أجسادهم أو لان الحجر بحرارته يحرق أجوافهم وذهب غير واحد الى أن المعنى كتبن أكلته الدواب وراثته والمراد كروث الا انه لم يذكر بهذا اللفظ لهجنته فجاء على الاداب القرآنية فشبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث ففيه اظهار تشويه حالهم وقيل المعنى كتبن تأكله الدواب وتروثه والمراد جعلهم في حكم التبن الذي لايمنع عنه الدواب أي مبتذلين ضائعين لايلتفت اليم أحد ولايجمعهم ولايدفنهم كتبن في الصحراء تفعل به الدواب ماشاءت لعدم حافظ له الا انه وضع مأكول موضع اكلته الدواب لحكاية الماضي في صورة الحال وهو كما ترى وكأنه لما أن مجيئهم لهدم الكعبة ناسب اهلاكهم بالحجارة ولما أن الذي أثار غضبهم عذرة الكناني شبهم فيما فعل سبحانه بهم على القول الاخير بالروث أو لما ان الذي أثاره احتراقها لما حملته الريح من نار العرب على ماسمعت شبهم عز و جل فيما فعل جل شأنه بهم بعصف أكل حبه على ماأشرنا اليه أخيرا وقرأ أبو الدرداء فيما نقل ابن خالويه ماكول بفتح الهمزة اتباعا لحركة الميم وهو شاذ وهذا كما اتبعوا في قولهم محموم بفتح الحاء لحركة الميم والله تعالى أعلم

الصفحة 237