كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

سورة قريش
ويقال سورة لايلاف قريش وهي مكية في قول الجمهور مدنية في قول الضحاك وابن السائب وآيها خمس في الحجازي وأربع في غيره ومناسبتها لما قبلها أظهر من أن تخفى بل قالت طائفة انهما سورة واحدة واحتجوا عليه بان أبي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة بما روى عن عمرو بن ميمون الازدي قال صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فقرأفي الركعة الاولى واتين وفي الثانية الم تر ولايلاف قريش من غير ان يفصل بالبسملة وأجيب بان جمعا أثبتوا الفصل في مصحف أبي والمثبت مقدم على النافي وبأن خبر بن ميمون ان سلمت صحته محتمل لعدم سماعه ولعله قرأها سرا ويدل على كونها سورة مستقلة ماأخرج البخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الخلافيات عن أم هانىء بنت أبي طالب أن رسول اله صلى الله تعالى عليه وسلم قال فضل الله تعالى قريشا بسبع خصال لم يعطها أحد قبلهم ولايعطاها أحد بعدهم أني فيهم وفي لفظ النبوة فيهم والخلافة فيهم والحجابة فيهم والسقاية فيهم ونصروا على الفيل وعبدوا الله تعالى سبع سنين وفي لفظ عشر سنين لم يعبده سبحانه أحد غيرهم ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيا أحد غيرهم لايلاف قريش وجاء نحو هذا الاخير في خبرين آخرين أحدهما عن الزبير بن اعوام يرفعه والثاني عن سعيد بن المسيب عنه صلى الله تعالى عليه وسلم ويؤيد الاستقلال كون آيها ليست على نمط آي ماقبلها وانت تعلم انه بعد ثبوت تواثر الفصل لايحتاج الى شيء مما يذكر بسم الله الرحمن الرحيم
لايلاف قريش الايلاف على ماقال الخفاجي مصدر ألفت الشيء وآلفته هن الالف وهو كما قال الراغب اجتماع مع ألتئام وقال الهروي في الغريبين الايلاف عهود بينهم وبن الملوك فكان هاشم يؤلف ملك الشام وامطلب كسرى وعبد شمس ونوفل يؤالفان ملك مصر والحبشة قال ومعنى يؤالف يعاهد ويصاح وفعله آلف على وزن فاعل ومصدره الاف بغير ياء بزنة قبال أوالف الثلاثي ككتب كتابا ويكون الفعل منه أيضا على وزن أفعل مثل آمن ومصدره ايلاف كايمان وحمل الايلاف على اعهود خلاف ماعليه الجمهور كما لايخفى على المتتبع وفي البحر أيلاف مصدر آلف رباعيا والاف مصدر ألف ثلاثيا يقال ألف الرجل الامر ألفا وآلافا وآلف غيره اياه وقد يأتي آلف متعديا لواحد كالف ومنه قوله من المؤلفات الرمل أدماء حرة
شعاع الضحى في جيدها يتوضح وسيأتي ان شاء الله تعالى مافي ذلك القرآآت وقريش ولد للنضر بن كنانة وهوأصح الاقوال وأثبتها عند القرطبي قيل وعليه الفقهاء لظاهر ماروى أنه عليه الصلاة و السلام سئل من قريش فقال من ولد النضر وقيل ولد فهر بن مالك بن النظر وحكى ذلك عن الاكثرين بل قال الزبير بن بكار أجمع النسابون من قريش وغبيرهم على ان قريشا انما تفرقت عن فهر واسمه عند غير واحد قريش وفهر لقبه ويكنى بابي غالب وقيل ولد مخلد بن النضر وهو ضعيف وفي بعض السير انه لاعقب للنضر ابن كنانة الامالك وأضعف من ذلك بل هو قول رافضي يريد به نفي حقية خلافة الشيخين انهم ولد قصي بن حكيم وقيل عروة بلقبه كلاب لكثرة صيده أو لمكالبته أي مواثيته في الحرب للاعداء تعم قصي جمع قريشا في الحرم حتى اتخذوه بعد أن كانوا متفرقين في غيره وهذا الذي عناه الشاعر بقوله

الصفحة 238