كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
أبونا قصي كان يدعى مجمعا
به جمع الله القبائل من فهر فلايدل يدل على مازعمه أصلا وهو في الاصل تصغي قرش بفتح القاف اسم لدابة في البحر أقوى دوابه تأكل ولاتؤكل وتعلو ولاتعلى وبذلك أجاب ابن عباس معاوية لما ساله لم سميت قريش قريشا وتلك الدابة تسمى قرشا كما هو المذكور في كلام الحبر وتسمى قريشا وعليه قول تبع كما حكاه عنه أبو الوليد الازرقي وأنشده أيضا الحبر لمعاوبة الا أنه نسبه للجمحي وقريش هي التي تسكن البحر
بها سميت قريش قريشا تاكل الغث والسمين ولاتترك
يوما لذي جناحين ريشا هكذا في البلاد حي قريشا
يأكلون البلاد أكل كميشا ولهم آخر الزمان نبي يكثر
القتل فيهم والخموشا وقال الفراء هو من التقرش بمعنى التكسب سموا بذلك تجارتهم وقيل من التقريش وهو التفتيش ومنه قول الحرث ابن حلزة أيها الشامت المقرش عنا
عند عمرو فهل لنا ابقاء سموا بذلك لان أباهم كان يفتش عن أرباب الحوائج ليقضي حوائجهم وكذا كانوا يفتشون على ذي الخلة من الحاج ليسدوها وقبل من التقرش وهو من التجمع ومنه قوله اخوة قرشوا الذنوب علينا
في حديث من دهرهم وقديم سموا ذلك لتجمعهم بعد التفرق والتصغير اذا كان من المزيد تصغير ترخيم واذا كان من ثلاثي مجرد فهو على أصله وأياما كان فهو للتعظيم مثله في قوله وكل أناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الانامل والنسبة اليه قرشي وقرشي كما في القاموس وأجمعوا على صرفه هنا راعوا فيه معنى الحي ويجوز منع صرفه ملحوظا فيه معنى القبيلة للعمية والتانيث وعليه قوله
وكفى قريش المعضلات وسادها
وعن سيبويه أنه قال في نحو معد وقريش وثقيف هذه للاحياء اكثر اوان جعلت اسماء للقبائل فجائز حسن واللام في لايلاف للتعليل والجار والمجرور متعلق عند الخليل بقوله فليعبدوا وافاء لما في الكلام من معنى الشرط اذ المعنى ان نعم الله غير محصورة فان لم يعبدوا لسائر نعمه سبحانه فليعبدوا لهذه النعمة الجليلة ولما لم تكن في جواب شرط محقق كانت في الحقيقة زائدة فلا يمتنع تقديم معمول مابعدها عليها وقوله تعالى ايلافهم رحلة الشتاء والصيف بدل من ايلاف قريش ورحلة مفعول به لايلافهم على تقدير ان يكون من الالفة أما اذا كانت من المؤالفة بمعنى المعاهدة فهو منصوب على نزع الحافظض أي معاهدتهم على أو لأجل رحلة الخ واطلاق لأيلاف ثم ابدال المقيد منه للتفخيم وروى عن الاخفش أن الجار متعلق بمضمر أي فعلنا مافعلنا من اهلاك اصحاب الفيل لايلاف قريش وقال الكسائي والفراء كذلك الا انهما قدرا الفعل بدلالة السياق اعجبوا كأنه قيل أعجبوا لايلاف قريش رحلة الشتاء والصيف وتركهم عبادة اللع تعالى الذي أعزهم ورزقهم وآمنهم فلذا أمروا بعبادة ربهم المنعم عليهم بالرزق والامن عقبه وقرن بالفاء التفريعية وعن الاخفش أيضا أنه متعلق بجعلهم كعصف في السورة وقبله والقرآن كله كالسورة الواحدة فلا يضر الفصل بالبسملة خلافا لجمع والمعنى أهلك سبحانه من قصدهم من الحبشة ولم يسلطهم عليهم ليبقوا على ماكانوا عليه من ايلافهم رحلة الشتاء والصيف أو أهلك عز و جل من قصدهم ليعتبر الناس ولايجترىء عليهم أحد فيتم لهم الامن في رحلتهم ولاينافي هذا كون اهلاكهم