كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
لكفرهم باستهانة البيت لجواز تعليله بأمرين فإن كلا منهما ليس علة حقيقية ليمتنع التعدد وقال وقال غير واحد ان اللام للعاقبة وكان لقريش رحتان رحلة في الشتاء الى اليمن ورحلة في الصيف الى بصرى من ألرض الشام كما روي عن ابن عباس وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم الله تعالى وولاة بيته العزيز فلايعترض لهم والناس بين متخطف ومنهوب وعن ابن عباس أيضا أنهم كانوا يرحلون في الصيف الى الطائف حيث الماء والظل ويرحلون في الشتاء الى مكة للتجارة وسائر أغراضهم وأفردت الرحلة مع أن المراد رحلتا الشتاء والصيف لأمن اللبس وظهور المعنى ونظيره وقوله
حمامة بطن الوادين ترنمي
حيث لم يقل بطني الواديين وقوله كلوا في بعض بطنكم تعفوا
فان زمانكم زمن خميص حيث لم يقل بطونكم لا لجمع لذلك وقول سيبويه ان ذلك لايجوز الا في في الضرورة فيه نظر وقال النقاش كانت لهم أربع رحل وتعقبه ابن عطية بأنه قول مردود وفي البحر لاينبغي أن يرد فأن أصحاب الايلاف كانوا أربعة أخوة وهم عبد مناف هاشم كان يؤالف ملك الشام أخذ منه خيلا فأمن به في تجارته الى الشام وعبد شمس يؤالف الى الحبشة والمطلب الى اليمن ونوفل الى فارس فكان هؤلاء يسمون المتجرين فيختلف تجر قريش بخيل هؤلاء الاخوة فلا يعترض لهم قال الازهري الايلاف شبه الاجارة بالخفارة فان كان كذلك جاز أن يكون لهم رحل أربع باعتبار هذه الاماكن التي كانت التجارة في خفارة هؤلاء الاربعة فيها فيكون رحلة هنا اسم جنس يصلح للواحد وللاكثر وفي هؤلاء الاخوة يقول الشاعر يا أيها الجل المحول رحله
هلا نزلت بآل عبد مناف الآخذون في العهد من آفاقها
والراحلون لرحلة الايلاف والرائشون ليس يوجد رائش
والقائلون هلم للاضياف والخلطون غنيهم بفقيرهم
حتى يصير فقيرهم كالكافي انتهى وفيه مخالفة لما نقلناه سابقا عن الهروى ثم أن ارادة ما ذكر من الرحل الاربع غير ظاهرة كما لا يخفى وقرأ ابن عامر لالاف قريش بلا ياء ووجهه ذلك مامر والم تختلف السبعة في قراءة ايلافهم بالياء كما اخنلف في قراءة الاول ومع هذا رسم الاول في المصاحف العثمانية بالياء ورسم الثاني بغير باء كما قاله السمين وجعل ذلك احد الادلة على ان القراء يتقيدون بالرواية سماعا دون رسم المصحف وذكر في وجه ذلك انها رسمت في الاول على الاصل وتركت في الثاني اكتفاء بالاول وهو كما ترى فتدبر فروى عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ بهمزتين فيهما الثانية ساكنة وهذا شاذ وان كان الاصل وكانهم انما أبدلوا الهمزة التي هي فاء الكلمة لثقل احتماع همزتين وروى محمد بن داود النقار عن عاصم ائيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة ناشئة عن حركة الهمزة الثانية لما اشبعت والصحيح رجوعه عن القراءة بهمزتين وانه قرأ كالجماعة وقرأ ابو جعفر فيما حكى الزمخشري لالف قريش وقرأ فيما حكى ابن عطية الفهم وحكيت عن عكرمة وابن كثير وأنشدوا زعمتم أن اخوتكم قريش
لهم الف وليس لكم الاف وعن أبي جعفر أيضا وابن عامر الافهم على وزن فعال وعن أبي جعفر أيضا ليلاف بياء ساكنة بعد اللام ووجهه بأنه لما أبدل الثانية ياء حذف الاولى حذفا على غير قياس وعن عكرمة ليألف قريش على صيغة المضارع المنصوب بان مضمرة بعد الللام ورفع قريش على الفاعلية وعنه أيضا لتالف على الامر وعنه وعن هلال بن فتيان بفتح لام