كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الأمر والظاهر ان ايلافهم على جميع ذلك منصوب على المصدرية ولم أر من تعرض له وقرأ أبو السمال رحلة بضم الراء وهي حينئذ بمعنى الجهة التي يرحل اليها وأما مكسور الراء فهو مصدر على ما صرح به في البحر فليعبدوا رب هذا البيت هو الكعبة التي حميت من أصحاب الفيل وعن عمر أنه صلى بالناس بمكة عند الكعبة فلما قرأ فليعبدوا رب هذا البيت جعل يومي باصبعه اليها وهو في الصلاة بين يدي الله تعالى الذي أطعمهم بسب تينك الرحلتين اللتين تمكنوا منهما بواسطة كونهم من جيرانهم من جوع شديد كانوا فيه قبلهما وقيل أريد به القحط الذي أكلوا فيه الجيف والعظام وآمنهم من خوف عظيم لايقادر قدره وهو خوف أصحاب الفيل او خوف من التخطف في بلدهم ومسايرهم أو خوف الجذام كما اخرج ذلك ابن جرير وغيره عن ابن عباس فلايصيبهم في بلدهم فضلا منه تعالى كالطاعون وعنه أيضا انه قال أطعمهم من جوع بدعوة ابراهيم عليهم السلام حيث قال وأرزقهم من الثمرات وآمنهم من خوف حيث قال ابراهيم عليه السلام رب أجعل هذا البلد آمنا 0 ومن قل تعليلية أي أنعم عليهم وأطعمهم لازالة الجوع عنهم ويقدر المضاف لتظهر صحة التعليل أو يقال الجوع علة باعثة ولاتقدير وقيل بدلية مثلها في قوله تعالى أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وحكى الكرماني في غرائب التفسير انه قيل في قوله تعالى وآمنهم من خوف ان الخلافة لاتكون الا فيهم وهذا من البطلان بمكان كما لايخفى وقرأالمسيبى عن نافع من خوف باخفاء النون في الخاء وحكى ذلك عن سيبويه وكذا اخفاؤها مع العين نحو من على مثلا والله تعالى أعلم
سورة الماعون
وتسمى سورة أرأيت والدين والتكذيب وهي مكية في قول الجمهور وأخرجه ابن مردويه عن ابي عباس وابن والزبير كما في الدر المنثور وفي البحر انها مدنية في قول ابن عباس وقتادة وحكى ذلك أيضا عن الضحاك وقال هبة الله المفسر الضرير نزل نصفها بمكة في العاص بن وائل ونصفها في المدينة في عبد الله أبن أبي المنافق 0 وآيها سبع في العراقى وست في الباقية ولما ذكر سبحانه في سورة قريش أطعمهم من جوع ذم عز و جل هنا من لم يحض على طعام المسكين ولما قال تعالى هناك فليعبدوا رب هذا البيت ذم سبحانه هنا من سها عن صلاته أو لما عدد نعمة الله على قريش وكانوا لايؤمنون بالبعث والجزاء أتبع سبحانه امتنانه عليهم بتهديدهم بالجزاء وتخويفهم من عذابه فقال عز من قائل بسم الله الرحمن الرحيم
أرأيت الذي يكذب بالدين استفهام أريد به تشويق السامع الى تعرف المكذب وان ذلك مما يجب على المتدين ليحترز عنه وعن فعله وفيه أيضا تعجيب منه والخطاب لرسول الله صلى تعالى عليه وسلم أو لكل من يصلح له والرؤية بمعنى المعرفة المتعدية لواحد وقال الحوفي يجوز أن تكون بصرية وعلى الوجهين يجوز أن يتجوز بذلك عن الاخبار فيكون المراد بأرأيت أخبرني وحينئذ تكون متعدية لاثنين أو لهما الموصول وثانيهما محذوف تقديره من هو أو أليس مستحقا للعذاب والقول بأنه لاتكون الرؤية المتجوز بها الا بصرية فيه نظر وكذا اطلاق القول بان كاف الخطاب لاتلحق البصرية اذ لامانع من ذلك بعد التجوز فلا يرجح كونها علمية قراءة عبد الله أرأيتك بكاف الخطاب المزيدة لتأكيد التاء 0 والدين الجزاء وهو أحد معانيه ومنه كما تدين تدان وفي معناه قول مجاهد الحساب أو الاسلام كما هو الاشهر ولعله من فسره بالقرآن 0 وكذا من فسره كابن عباس بكم الله عز و جل وقرأ الكسائى أريت بحذف الهمزة كأنه حمال الماضي في حذف همزته على مضارعه

الصفحة 241