كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
من اللبن وأحلى من العسل شاطئاه الدر والياقوت والزبرجد خص الله تعالى به نبيه محمد صلى الله تعالى عليه وسلم من بين الانبياء عليهم الصلاة والسلام وقالت ليس أحد يدخل اصبعيه في أذنيه الا سمع خرير ذلك النهر وهو على التشبيه البليغ وقيل هو حوض له عليه الصلاة و السلام في المحشر 0 وقول بعضهم الاختلاف في الروايات سببه ملاحظة اختلاف سرعة السير وعدمها وهو قبل الميزان والصراط عند بعض وبعدهما قريب من باب الجنة حيث يحبس أهلها من أمنه صلى الله تعالى عليه وسلم ليتحاللوا من المظالم التي بينهم عند آخرين ويكون على هذا في الارض المبدلة 0 وقيل له صلى الله تعالى عليه وسلم حوضان حوض قبل الصراط وحوض بعده ويسمى كل منهما على ماحكاه القاضي زكريا كوثرا وصحح رحمه الله تعالى انه بعد الصراط وان الكوثر في الجنة وان ماءه ينصب فيه ولذا يسمى كوثرا وليس هو من خواصه عليه الصلاة و السلام كالنهر السابق بل يكون لسائر الانبياء عليهم الصلاة والسلام يرده مؤمنو أممهم ففي حديث الترمذي ان لكل نبي حوضا وانهم يتباهون أيهم أكثر واردة واني أرجو أن أكون أكثرهم واردة وهو كما قال حديث حسن غريب وهذه الحياض لايجب الايمان بها كما يجب الايمان بحوضه عليه الصلاة و السلام عندنا خلافا للمعتزلة النافين له لكون أحاديثه بانت مبلغ التواتر بخلاف أحديثها فانها آحاد بل قيل لاتكاد تبلغ الصحة ورأيت في بعض الكتب ان الكوثر هو النهر الذي ذكره أولا وهوالحوض وهو على ملك عظيم يكون مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حيث يكون فيكون في المحشر اذ يكون عليه الصلاة و السلام فيه في الجنة اذ يكون عليه الصلاة و السلام فيها ولايعجز الله تعالى شىء وقيل هو أولاده عليه الصلاة و السلام لان السورة نزلت ردا على من عابه صلى الله تعالى عليه وسلم وهم والحمد لله تعالى كثيرون قد ملؤا البسيطة وقال أبو بن عباس ويمان بن وثاب أصحابه وأشيائه صلى الله تعالى عليه وسلم الى يوم القيامة وقيل علماء أمته صلى اله تعالى عليه وسلم وهم أيضا كثيرون وفي كل قطر وان كانوا لداليوم في بعض الاقطار والامر لله تعالى أقل قليل وعن الحسن انه القرآن وفضائله لاتحصى وقال الحسين بن الفضل هو تيسير القرآن وتخفيف الشرائع وقيل هو الاسلام وقال هلال هو التوحيد وقال عكرمة هو النبوة وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه هو نور قلبه صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل هو العلم والحكمة وقال ابن كيسان هو الايثار وقيل هو الفضائل الكثيرة المتصف بها عليه الصلاة و السلام وقيل المقام المحمود وقيل غير ذلك وقد ذكر في التحرير ستة وعشرين قولا فيه وصحح في البحر قول النهر وجماعة هو انه الخير الكثير والنعم الدنيوية والاخروية من الفضائل والفواضل ورواه ابن جرير وابن عساكر عن مجاهد وهو المشهور عن الحبر ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وقد أخرج البخاري وابن جرير والحاكم من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عنه رضى الله تعالى عنه أنه قال الكوثر الخير الذي أعطاه الله تعالى اياه عليه الصلاة و السلام قال أبو بشر قلت لسعيد فان ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة قال النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله عز و جل اياه صلى الله تعالى عليه وسلم وحكم هذا الجواب عن ابن عباس نفسه أيضا وفيه اشارة الى أن ما صح في الاحاديث من تفسيره صلى الله تعالى عيه وسلم اياه بالنهر من باب التمثيل والتخصيص لنكتة والا فيعدان صح الحديث في ذلك بل كاد يكون متوترا كيف يعدل عنه الى التفسير آخر وكذا يقال في سائر ما في الاقوال السابقة وغيرها 0 وهو فوعل من الكثرة صيغة مبالغة اشىء الكثير كثرة مفرطة قيل لاعرابية رجع ابنها من السفر بم آب ابنك قالت بكوثر وقال الكميت وأنت كثير ياابن مروان طيب
وكان أبوك بن العقائل كوثرا