كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
وفي حذف موصوفه مالا يخفى من المبالغة على ماأشار اليهه شيخ الاسلام ابن تميمة وفي اسناد الاعطاء اليه دون الايتاء اشارة الى أن ذلك أيتاء على جهة التمليك فان الاعطاء دونه كثيرا مايستعمل في ذلك ومنه تعالى لسليمان عليه السلام هذا عطاؤنا فامن أو أمسك بعد قوله هب لي ملكا وقيل فيه اشارة الى المعطى وان كان كثيرا في نفسه قليل بالنسبة الى شأنه عليه الصلاة و السلام بناء على أن الايتاء لايستعمل الا في الشىء العظيم كقوله تعالى وآتاه الله الملك ولقد آتينا داود منا فضلا وآتيناك سبعا من المثاني والقرآن الععظيم والاعطاء يستعمل في القليل والكثير كما قال تعالى أعطى قليلا وأكدى ففيه من تعظيمه عليه الصلاة و السلام مافيه وقيل والتعبير بذلك لانه بالتفضل أشبه بخلاف الايتاء فانه قد يكون واجبا ففيه اشارة الى الدوام والتزايد أبدا لان التفضل نتيجة كرم الله تعالى الغير متناهي وفي جعل المفعول الاول ضمير المخاطب دون الرسول أو نحوه اشعار بأن الاعطاء غير معلل بل هو من محض الاختيار والمشيئة وفيه أيضا من تعظيمه عليه الصلاة و السلام بالخطاب ما لايخفى وجوز أن يكون في أسناد الاعطاء الى نا اشارة الى أنه مما سعى فيه الملائكة والانبياء المتقدمون عليهم السلام وفي التعبير بالماضي قيل اشارة الى تحقق الوقوع وقيل اشارة الى تعظيم الاعطاء وأنه أمر مرعى لم يترك الى أن يفعل بعد وقيل اشارة الى بشارة أخرى كانه قيل انا هيأنا أسباب سعادتك قبل دخولك في الوجود فكيف نهمل أمرك بعد وجودك واشتغالك بالعبودية وقيل اشارة الى أن حكم الله تعالى بالاغناء والافقار والاسعاد والاشقاء لبس أمرا محدثا بل هو حاصل في الازل 0 وبنى الفعل على المبتدأللتأكيد والتقوي وجوز أن يكون للتخصيص على بعض الاقوال السابقة في الكوثر وفي تأكيد الجملة بأن ما لايخفى من الاعتناء بشأن الخبر وقيل لرد استعباد السامع الاعطاء الما أنه الم يعلل والمعطى في غاية الكثرة وجوز أن يكون لرد الانكار على بعض الاقوال في الكوثر والفاء في قوله تعالى فصل لربك وأنحر لترتيب مابعدها على ماقبلها فان اعطاءه تعالى أياه عليه الصلاة و السلام ماذكر من العطية التي لم يعطها أحدا من العالمين مستوجب للمأمور به أي أستيجاب أي فدم على الصلاة لربك الذي أفاض عليك مالأفاض من الخير خالصا لوجهه عز و جل خلاف الساهين عنها المرائين فيها أداء لحق شكره تعالى على ذلك فان الصلاة جامعة لجميع أقسام الشكر ولذا قيل فصل دون فاشكر وانحر وانحر البدن التي هي خيار أموال العرب باسمه تعالى تصدق على المحاويج خلافا لمن يدعهم ويمنع منهم الماعون كذا قيل وجعل السورة عليه كالمقابلة لما قبلها كما فعل الامام وام يذكروا مقابل التكذيب بالدين وقال الشهاب الخفاجي أن الكوثر بمعنى الخير الكثير الشامل للاخروى يقابل ذلك الما فيه من اثباته ضمنا وكذا اذا كان بمعنى النهر والحوض واللامر على تفسيره بالاسلام وتفسير الدين به أيضا في غاية الظهور والمراد بالصلاة عند أبي مسلم الصلاة المفروضة وأخرج ذلك أبن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك وأخرجه الاول وابن المنذر عن ابن عباس وذهب جمع الى انها جنس الصلاة وقيل المراد بها صلاة العيد وبالنحر التضحية أخرج بن جرير وابن مردويه عن سعيد ابن جبير قال كانت هذه الآية يوم الحديبية أتاه جبريل عليه الصلاة و السلام فقال انحر وارجع فقام رسول اله صلى الله تعالى عليه وسام فخطب خطبة الاضحى ثم ركع ركعتين ثم انصرف الى البدن فنحرها فذلك قوله تعالى فصل لربك وانحر واستدل به على وجوب تقديم الصلاة على التضحية وليس بشيء وأخرج عبد الرزاق وغيره عن مجاهد وعطاء عكرمة أنهم قالوا المراد صلاة الصبح بمزدلفة والنحر بمنى والاكثرون على أن المراد بالنحر نحر الاضاحي واستدل به بعضهم على وجوب للاضحية لمكان الامر مع قوله تعالى فاتبعوه وأجيب بالتخصص بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم الضحى