كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

بالبغض فتدور معه وقد زال في أولئك الاكابر رضى الله تعالى عنهم واختار بعضهم في دفع ذلك حمل اسم الفاعل على الاستمرار فهم لم يستمروا على البغض والظاهر أنه انقطع نسل كل من كان مبغضا عليه الصلاة و السلام حقيقة وقيل انقطع حقيقة أو حكما لان من أسلم من نسل المبغضين انقطع انتفاع أبه منه بالدعاء ونحوه لانه لاعصمة بين مسلم وكافر 0 وما أشرنا اليه من ان هو ضمير فصل هو الاظهر وجوز أن يكون مبتدأ خبره الابتر والجملة خبر شانئك وحينئذ يجوز صناعة أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال وحمل شانئك على الجنس الظاهر وخصه بعضهم بمن جاء في سبب النزول واحدا أو متعددا وفيه روايات أخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان أكبر ولد رسول الله تعالى عليه وسلم القاسم ثم زينب ثم عبد الله ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية فمات القاسم عليه السلام وهوأول ميت من ولده عليه الصلاة و السلام بمكة ثم مات عبد الله عليه السلام فقال العاص بن وائل السهمي قد انقطع نسله فهو ابتر فانزل الله تعالى ان شانئك هو الابتر وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن شمر بن عطية قال كان عقبة بن أبي معطية يقول انه لايبقى للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم عقب وهو ابتر فأنزل الله تعالى فيه ان شانئك هو الابتر وأخرج الطبراني قال لما مات ابراهيم بن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مشى المشركون بعضهم الى بعض فقالوا ان هذا الصابىء قد بتر الليلة فانزل الله تعالى انا أعطيناك السورة وأخرج عبد بن حميد وغيره عن ابن عباس انه قال في الآية هو ابو جهل أي لانها نزات فيه وهذا المقدار في الرواية عن ابن عباس لابأس به وحكاية عنه عنه لما مات ابراهيم بن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خرج أبو جهل الى أصحابه فقال بتر محمد عليه الصلاة و السلام فانزل الله سبحانه وتعالى ان شانئك هو الابتر لاتكاد تصح لان هلاك اللعين أبي جهل على التحقيق قبل وفاة ابراهيم عليه السلام وعن عطاء أنها نزلت في أبي لهب والجمهور على نزولها في العاص بن وائل وأياما كان فلا ريب في ظهور عموم الحكم والجملة كالتعليال لما يفهمه الكلام فكأنه قيل انا أعطيناك ما لايدخل تحت الحصر من النعم فصل وانحر خالصا لوجه ربك ولاتكترث بقول الشانىء الكريه فانه الابتر لاأنت وتأكيدها قيل للاعتناء بشأن مضمونها وقيل هو مثله في نحو قوله تعالى ولاتخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرفون وذلك لما كان فلاتكترث الخ المفهوم من السياق وفي التعبير بالابتر دون المبتور على ما قال شيخ الاسلام ابن تيمية ما لايخفى من المبالغة وعمم هذا الشيخ عليه الرحمة كلا من جزأى الجملة فقال انه سبحانه يبتر شانىء رسول الله صالى تعالى عليه وسلم من كل خير فيبتر أهله وماله فيخسر ذلك في الآخرة ويبتر حياته فلاينتفع بها ولايتزود فيها صالحا لمعاده ويبتر قلبه فلا يعي الخير ولايؤهله لمعرفته تعالى ومحبته والايمان برسله عليهم السلام ويبتر أعماله فلا يستعمله سبحانه في طاعته ويبتره من الانصار فلا يجد له ناصرا ولاعونا ويبتره من جميع القرب فلا يذوق لها طعما ولايجد لها حلاوة وان باشرها بظاهره فقلبه بشارد عنها وهذا جزاء كل من شنأ ماجاء به الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم لاجل هواه كمن تأول آيات الصفات أو أحاديثها على غير مراد الله تعالى ومراد رسوله عليه الصلاة و السلام أو تمنى أن لاتكون نزلت أو قيلت ومن أقوى العلامات على شنآنه نفرته عنها اذا سمعها حين يستدل بها السلفى على مادلت عليه من الحق وأي شنآن للرسول ععليه الصلاة و السلام أعظم من ذلك وكذلك أهل السماع الذين يرقصون على سماع الغناء والدفوف والشبابات فاذا سمعوا القرآن يتلى أو قرىء في مجلسهم استطالوه واستثقلوه وكذلك من آثر كلام الناس وعلومهم على القرآن والسنة الى غير ذلك ولكل نصيب من الانبتار على قدر شنآته انتهى وفي بعضه نظر لايخفى وقرأابن عباس شنيك بغير

الصفحة 248