كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

وغيرهما من المكارم انها لاتحرم من شرع حتى يقال الآتى بها لابد أن يكون متعبدا بل هي من أقتضاء العادات المستمرة والمكارم الغريزية دون نظر الى قربة الزمخشرى اختار ذلك القول وعليه بنى تفسيره وقد أظهر أنه لم يخالف أصله في وجوب التعبد العقلى بالنظر فى الآيات وأدلة التوحيد والمعرفة ثم قال والظاهر حمل مأعبد على افادة الاستمرار والتصوير على أنهم ماكانوا ينكرون ماكان عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فيما مضى عبادة كانت أولابل كانوا يعظمونه ويلقبونه بالامين انما كان المنكر ماكان عليه بعد النبوة فذلك قيل ثانيا ولا أنتم عابدون ماأعبد اذ لو قيل ماعبدت لم يطابق المقام وفيه أن ماكانوا يتوهمونه من موافقته عليه الصلاة و السلام قبل النبوة لم يكن صحيحا بل انما كان ذلك لانه لم يكن صلى اله تعالى عليه وسلم مأمورا بالدعوة انتهى فتدبره وزعم بعضهم ان تغاير الاساليب في هذه السورة لتغاير أحوال الفريقين وليس بشىء وفي تكليف مثل هؤلاء المخاطبين بما ذكر على القول بافادته الاستمرار على الكفر بالايمان بحث مذكور في كتب الاصول ان اردته فارجع اليه وسيأتي ان شاء الله تعالى في سورة تبت اشارة ما الى ذلك وقوله تعالى لكم دينكم هو عند الاكثرين تقرير لقوله تعالى لاأعبد ماتعبدون وقوله تعالى ولا أنا عابد ماعبدنم كما ان قوله تعالى ولى دين عندهم تقرير لقوله تعالى ولا أنتم عابدون مأعبد والمعنى أن دينكم وهوالاشراك مقصور على الحصول لكم لايتجاوزه الى الحصول كما تطمعون فيه فلاتعقلوا به أمانيكم الفارغة فان ذلك من المحالات وأن دينى هو التوحيد مقصور على الحصول لى لايتجاوزه الى الحصول لكم أيضا لان الله تعالى قد ختم على قلوبكم لسوء استعدادكم أو لانكم علقتموه بالمحال الذي هو عبادتى لآلهتكم أو استلامى لها أو لان ماوعدتموه عين الاشراك وحيث أن مقصودهم شركة الفريقين في كلتا العبادتين كان القصر المستفاد من تقديم المسند قصر افراد حتما وجوز أن يكون هذا تقريرا لقوله تعالى ولاأنا عابد ماعبدتم والآية على ماذكر محكمة غير منسوخة كما لايخفى أو المراد المتاركة على معنى انى نبي مبعوث اليكم لادعوكم الى الحق والنجاة فاذا لم تقبلوا منى ولم تتبعونى فدعونى كفافا ولاتدعونى الى الشرك فهى على هذا كما قال غير واحد منسوخة بآية السيف وفسر الدين بالحساب أى لكم حسبكم ولى حسابى لايرجع الى كل منا من عمل صاحبه أثر وبالجزاء أى لكم جزاؤكم ولى جزائى قيل والكلام على الوجهين استتئناف بيانى كانه قيل فما يكون اذا بقينا على عبادة آلهتنا واذا بقيت على عبادة الهك فقيل لكم الخ والمراد يكون لهم الشر ويكون له عليه الصلاة و السلام الخير لكن أتى باللام فى لكم للمشاكلة وعليه لانسخ أيضا ويحتمل أن يكون المراد غير ذلك مما تكون عليه الآية منسوخة ولعله لايخفى وقد يفسر الدبن بالحال كما هو أحد معانيه حسبما ذكره القالى في أماليه وغيره أى لكم حالكم اللائق بكم الذى يقتضيه سوء استعدادكم ولى حالى اللائق بى الذى يقتضيه حسن استعدادى والجملة عليه كالتعليل لما تضمنه الكلام السابق فلا نسخ والاولى أن تفسر بما لاتكون منسوخة لان النسخ خلاف الظاهر فلا يصار اليه الا عند الضرورة وللامام الرازى أوجه فى تفسيرها لايخلوا بعضها عن نظر وذكر عليه الرحمة انه جرت العادة بان الناس يتمثلون بهذه الآية عند المتاركة وذلك لايجوز لان القرآن ماأنزل ليتمثل به بل ليهتدى به وفيه ميل الى سد باب الاقتباس والصحيح جوازه فقد وقع فى كلامه عليه الصلاة و السلام وكلام كثير من الصحابة والائمة والتابعين وللجلال السيوطى رسالة وافية كافبة فى ازالة الالتباس عن وجه جواز الاقتباس عن وجه جوازا الاقتباس وما ذكر من الدليل فاظهر من أن ينبه على ضعفه وقرأ سلام ويعقوب دينى بياء وصلا ووقفها وحذفها القراء السبعة والله تعالى أعلم

الصفحة 254