كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

عشر ألفا وجمع بان العشرة خرج بها عليه الصلاة و السلام من المدينة ثم تلاحق الالفان والاولى أن يحمل النصر على ماكان مع الفتح المذكولر فان كانت السورة الكريمة نازلة قبل ذلك فالامر ظاهر وتتضمن الاعلام بذلك قبل كونه وهو من أعلام النبوة واذا كانت نازلة بعده فقال الماتردى فى التأويلات ان اذا بمعنى اذ التى للماضى ومجيئها بهذا المعنى كثير فى القرآن وعليه تكون متعلقة مقدر ككمل الامر أو أتم النعمة على العباد أو نحو ذلك لابسبح لان الكلام حينئذ نحو أضرب زيدا أمس وقال بعض الاجلة هى لما يستقبل كما هو الاكثر فى استعمالها وحينئذ لم يكن بد من أن يجعل شىء من ذلك مستقبلا مترقيا باعتبار أن فتح مكة كان أم الفتوح والدستور لما يكون من بعده فهو مرتقب باعتبار مايدل عليه وان كان متحققا باعتباره في نفسه وجوز ان يكون الاستقبال باعتبار مجموع ما في حيز اذا فمنه ماهو مستقبل وهوماتضمنه قوله سبحانه ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا ولو باعتبار آخر داخل وهو مما لابأس به ان لم يكن النزول بعد تمام الدخول وقيل المراد جنس نصر الله تعالى لرسوله عليه الصلاة و السلام والمؤمنين وجنس الفتح فيعم اكان في أمر مكة زادها الله شرفا وغيره وأمر الاستقبال عليه ظاهر وأيما كان فالمراد بالمجىء الحصول وهوحقيقة فيه على مايقتضيه ظاهر كلام الراغب وقال القاضى مجاز والظاهر أن الخطاب في رأيت للنبى عليه الصلاة و السلام وارؤية بصرية أوعلمية متعدية لمفعولين والناس والعرب ودين الله ملة الاسلام اتى لادين له تعالى يضاف اليه غيرها والافواج جمع فوج وهوعلى ماقال الراغب الجماعة المارة المسرعة ويراد به مطلق الجماعة قال الحوفى وقياس جمعه أفوج ولكن أستثقلت الضمة على الواو فعدل الى أفواج وفى البحلر قياس فعل صحيح العين أن يجمع على أفعل لاعلى أفعال ومعتل العين بالعكس فالقياس فيه أفعل كحوض وأحواض وشذ فيه أفعل كثوب وأثوب ونصب أفواجا على الحال من الضمير يدخلون وأما جملة يدخلون فهى حال من الناس على الاحتمال الاول في الرؤية ومفعول ثان على الاحتمال الثانى فيها وكونها حالا أيضا بجعل رلأيت بمعنى عرفت كما قال الزمخشرى تعقبه أبوحيان بقوله لانعام أن رأيت جاءت بمعنى عرفت فيحتاج فى ذلك الى استثبات والمراد بدخول الناس في دينه تعالى أفواجا أى جماعات كثيرة اسلامهم من غير قتال وقد كان ذلك بين فتح مكة وموته عليه الصلاة و السلام وكانوا قبل الفتح يدخلون فيه واحدا واحدا واثنين اثنين أخرج البخارى عن عمرو بن سلمة قال لما كان الفتح بادر كل قوم باسلامهم الى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكنت الاحياء تتلوم باسلامها فتح مكة فيقولون دعوه وقومه فان ظهر عليهم فهو نبى وعن الحسن قال لما فتح رسول الله صلى الله تعالى علسه وسلم مكة قالت الاعراب أما اذ ظفر بأهل مكة وقد أجارهم الله تعالى من اصحاب الفيل فليس لكم به يدان فدخلوا في دين الله تعالى أفواجا وقال أبو عمر بن عبد البر لم يتوقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفى العرب رجل كافر بل دخل الكل فى الاسلام بعد حنين والطائف منهم من قدم ومنهم قدم وافده وتأول ذلك ابن عطية فقال المراد والله تعالى أعلم العرب عبدة الاوثان فان نصارى بنى تغلب ماأراهم الله أسلموا في حياة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولكن أعطوا الجزية ونص بعضهم على انهم لم يسلموا اذ ذاك فالمراد بالناس عبدة الاوثان من العرب كأهل مكة والطائف واليمن وهوزان ونحوهم وقال عكرمة ومقاتل المراد بالناس أهل اليمن وفد منهم سبعمائة رجل وأسلموا واحتج له بما أخرجه ابن جرير من طريق الحصين بن عيسى عن معمر الزهرى عن أبى حازم عن أبى عباس قال بينما رسول الله صلى اله تعالى عليه وسلم فى المدينة اذ قال الله أكبر الله أكبر جاء نصر الله والفتح وجاء أهل اليمن قال قوم رقيقة قلوبهم

الصفحة 256