كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
متأمل شاكر يصح أن يؤمر به وليس الامر بمعنى الخبر بان هذه القصة من شأنها أن يتعجب منها كما زعم ابن المنير والتعليل ان الامر فى صيغة التعجب ليس أمرا بين السقوط نعم هذا الوجه ليس بشىء والاخبار دالة على ان ذلك أمر له صلى اله تعالى عليه وسلم بالاستعداد للتوجه الى ربه تعالى والاستعداد للقائه بعدما أكمل دينه وأدى ماعليه من البلاغ وأيضا ماذكرناه من الآثار آنفا لايساعد عليه وقيل المراد بالتسبيح الصلاة لاشتمالها عليه ونقله ابن الجوزى عن ابن عباس اى فصل له تعالى حامددا على نعمه وقد روى صلى الله تعالى عليه وسلم لما دخل مكة صلى في بيت أم هانىء ثمان ركعات وزعم بعضهم انه صلاها داخل الكعبة وليس بالصحيح واياما كان فهى صلاة الفتح وهى سنة قد صلاها سعد يوم الفتح المدائن وقيل صلاة الضحى وقيل أرع منها للفتح وأربع منها للضحى وعلى كل ليس فيها دليل على أن المراد بالتسبيح الصلاة والاخبار أيضا تساعد على خلافه واستغفاره صلى الله تعالى عليه وسلم قيل لانه كان دائما في الترقى فاذا ترقى الى مرتبة استغفر لما قبلها وقيل مما هو في نظره الشريف خلاف الاولى بمنصبه المنيف وقيل عما كان من سهو ولو قيل النبوة وقيل لتعليم أمته صلى الله تعالى عليه وسلم وقيل هو استغفار لامته وجوز بعضهم كون الخطاب في رأيت عاما وقال ههنا يجوز حينئذ ان يكون الامر بالاستغفار لمن سواه عليه الصلاة و السلام وادخاله صلى الله تعالى عليه وسلم فى الامر تغليب وهذا خلاف الظاهر جدا وأنت تعلم ان كل احد مقصر عن القيام بحقوق الله تعالى كما ينبغى وادائها على الوجه اللائق بجلاله جل جلاله وعظمته سبحانه وانما يؤديها على قدر مايعرف ان قدر الله عز و جل اعلى واجل من ذلك فهو يستحى من عمله ويرى انه مقصر وكلما كان الشخص بالله تعالى أعرف كان له سبحانه اخوف وبرؤية تقصيره ابصر وقد كان كهمس يصلى كل ألف ركعة فاذا صلى اخذ بلحيته ثم يقول لنفسه قومى ياماؤى كل سوء فوالله مارضيتك لله عز و جل طرفة عين وعن مالك بن دينار لقد هممت ان اوصى اذا مت ان ينطلق بي كما ينطلق بالعبد الآبق الى سيده فاذا سالنى قلت يارب انى لم ارض لك نفسى طرفة عين فيمكن ان يكون استغفاره عليه الصلاة و السلام لما يعرف من عظيم جلال الله تعالى وعظمته فيرى ان عبادته وان كانت أجل من جميع عبادة العابدين دون مايليق ذلك الجلال وتلك العظمة اتى هى وراء مايخطر بالبال فيستحى ويهرع الى الاستغفار وقد صح انه عليه الصلاة و السلام كان يستغر الله فى اليوم والليلة اكثر من سبعين مرة وللاشارة الى قصور العابد عن الاتيان بما يليق بجلال المعبود وان يذل المجهود شرع الاستغفار بعد كثير من الطاعات فذكروا انه يشرع لمصلى المكتوبة ان يستغفر عقبها ثلاثا وللمجتهد فى الاسحار ان يستغفلر ما شاء الله تعالى وللحاج ان يستغفر بعد الحج فقد قال تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله أن الله غفور رحيم وروى انه يشرع لختم الوضوء وقالوا يشرع لختم كل مجلس وقد كان صلى الله تعالى عليه وسلم يقول اذا قام من المجلس سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب اليك ففى الامر بالاستغفار رمز من هذا الوجه على ماقيل الى مافهم من النعى والمشهور أن ذلك للدلالة على مشارفة تمام أمر الدعوة وتكامل أمر الدين والكلام وان كان مشتملا على التعليق وتقديم التسبيح ثم الحمد على الاستغفار قيل على طريقة النزول من الخالق الى الخلق كما قيل مارأيت شيئا الا ورأيت