كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)

الله تعالى قبله لأن جميع الاشياء مرايا لتجيله جل جلاله وذلك لان التسبيح والحمد توجها بالذات لجلال الخالق وكماله فى الاستغفار توجها بالذات لحال العبد وتقصيراته ويجوز أن يكون تأخير الاستغفار عنها لما أشرنا اليه في مشروعية تعقيب العبادة بالاستغفار وقيل فب تقديمها عليه تعليم أدب الدعاء وهو أن لايسأل فجأة من غير تقديم اثناء عاعللى المسؤل منه انه كان توابا أى منذ خلق المكلفين أى مبالغا فى قبول توبتهم فليكن المستغفر التائب متوقعا للقبول فالجملة فى موضع التعليل لما قبلها واختيار توابا على غفارا مع انه الذى يستدعيه استغفره ظاهرا للتنبيه كما قال بعض الاجلة على ان الاستغفار انما ينغع اذا كان مع التوبة وذكر ابن رجب ان الاستغفار المجرد هو التوبة مع طلب المغفرة بالدعاء والمقرون فاستغفر الله تعالى وأتوب اليه سبحانه هو طلب المغفرة بالدعاء فقط وقال أيضا أن المجرد طلب وقاية شر الذنب الماضى بالدعاء والندم عليه ووقاية شر الذنب المتوقع بالعزم على الاقلاع عنه وهذا يمنع الاصرار كما جاء ماأصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة ولاصغيرة مع الاصرار ولاكبيرة مع الاستغفار والمقرون بالتوبة مختص بالنوع الاول فان لم يصحبه الندم على الذنب الماضى فهو دعاء محض وان صحبه ندم فهو توبة انتهى والظاهر ان ذلك الدعاء المحض غير مقبول وفيه سوء من الادب مع الله تعالى مافيه وقال بعض الافاضيل ان فى الآية احتباكا والاصل واستغفره انه كان غفارا وتب اليه انه كان توابا وأبد بما قدمناه من حديث الامام أحمد ومسلم عن عائشة رضى الله تعالى عنها وحمل الزمان الماضى على زمان خلق المكلفين هو مارتضاه غير واحد وقال الماتريدى فلى التأويلات أى لم يزل توابا لا أنه سبحانه تواب لاأنه سبحانه تواب بامر أكتسبه وأحدثه على مايقوله المعتزلة من أنه سبحانه صار توابا اذ أنشأ الخلق فتابوا فقبل توبتهم فاما قبل ذلك فلم يكن توابا ورد عليه بان قبول التوبة من الصفات الاضافية ولانزاع فى حدوثها واختار بعضهم ماذهب اليه الماتريدى على أن المراد أنه تعالى لم يزل بحيث يقبل التوبة ومآله قدم منشأ قبولها من الصفات اللائقة به جل شانه وفى ذلك يقوى الرجاء به عز و جل مافيه وصح لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم وفى خير الدنيا والآخرة أخرج الامام أحمد من حديث حديث عطية عن أبى سعيد مرفوعا من قال حين يأوى الى فراشه استغفر اله الذى لااله الا هو الحى القيوم وأتوب اليه غفر له ذنوبه وان كانت مثل زبد البحر وان كانت مثل رمل عالج وان كانت عدد ورق الشجر وأخرج أيضا من حديث ابن عباس من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا وأنا أقول سبحان اله وبحمده أستغفر الله تعالى وأتوب اليه وأسلأله أن يجعل لى من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا بحرمة كتابه وسيد أحبابه صلى الله تعالى عليه وسلم
سورة تبت
وتسمى سورة المسد وهي مكية وآيها خمس بلا خلاف فى الامرين ولما ذكر سبحانه فيما قبل دخول الناس فى ملة الاسلام عقبه سبحانه بذكر هلاك بعض ممن لم يدخل فيها وخسرانه على نفسه فليبك من ضاع عمره
وليس له منها نصيب ولاسهم كذا قيل فى وجه الاتصال وقيل هو من اتصال الوعيد بالوعد وفى كل مسرة له عليه الصلاة و السلام وقال الامام في ذلك انه تعالى لما قال لكم دينكم واى دين فكانه صلى الله تعالى عليه وسلم قال اهى فما جزائى فقال اله تعالى لك النصر والفتح فقال فما جزاء عمى الذى دعانى الى عبادة الاصنام فقال تبت يداه وقدم الوعد على الوعيد

الصفحة 259