كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 30)
قيل لذلك انها أفضل سورة فى القرآن ومنهم من استدل عليه بما روى الدارمى فى مسنده عن أبى المغيرة عن صفوان الكلاعى قال قال رجل يارسول الله أى سور القرآن أعظم قال قل هو الله أحد وفى المسند من طريقى معاذ بن رفاعة وأسيد بن عبد الرحمن عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت فى التوراة والانجيل والزبور والقرآن العظيم قلت بلى قال فاقرأنى قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم قال ياعقبة لاتنساهن ولاتبت ليلة حتى تقرأهن وروى الترمذى بعض هذا الحديث وحسنه ولايدل على أنها أفضل سور القرآن مطلقا بل على أنها من الافضل وقال ابن الحصاد العجب ممن ينكر الاختلاف فى الفضل مع كثرة النصوص الواردة فيه واختلف القائلون بالتفضيل فقال بعضهم الفضل راجع الى عظم ومضاعفة الثواب بحسب انتقالات النفس وخشيتها وتدبرها عند أوصاف العلا وقيل بل يرجع لذات اللفظ فان تضمنته سورة الاخلاص مثلا من الدلالة على الوحدانية وصفاته تعالى ليس موجودا فى تبت مثلا فالتفضيل انما هو بالمعانى العجيبة وكثرتها ونقل الحليمى عن البيهقى ان معنى التفضيل بين الآيات والسور يرجع الى أشياء أحدها أن يكون العمل بها أولى من العمل باخرى واعود على الناس وعلى هذا يقال فى آيات الامر والنهى والوعد والوعيد خير من آيات القصص لانه انما أريد بها تأكيد الأمر والنهى الانذار والتنشير ولاغنى للناس عن هذه الامور وقد يستغنون عن القصص فكان ماهو اعود عليهم وانفع لهم مما يجرى مجرى الاصول خير لهم مما يجعل تبعا لما لابد منه الثانى ان يقال الآيات التى تشتمل على تعديد اسماء الله تعالى وبيان صفاته والدلالة على عظمته عز و جل افضل بمعنى انها واجل قدرا مما لاتشتمل على ذلك الثالث لن يقال سورة خير من سورة أو آية خير من آية بمعنى ان القارىء يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل وبتادى منه بتلاوتها عبادة كآية الكرسى والاخلاص والمعوذتين فان قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام بالله تعالى ويتادى بتلاوتها عبادة الله سبحانه لما فيها من ذكره تعالى بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد لها وسكون النفس الى فضل ذلك الذكر وبركته واما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها اقامة حكم وانما يقع بها علم وقد يقال ان سورة افضل من سورة لان الله تعالى جعل قراءتها كقراءة اضعافها مما سواها واوجب بها من الثواب ما لم يوجب سبحانه لغيرها وان كان المعنى الذى لاجله بلغ بها هذا المقدار لايظهر لنا وهذا نظير مايقال فى تفضيل الازمنة والامكنة بعضها على بعض على ماسمعت آنفا وبالجملة التفضيل باحد هذه الاعتبارات لاينافى كون الكل كلام الله عز و جل ومتحد النسبة اليه سبحانه كما لايخفى والله تعالى أعلم 0 بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله أحد المشهور أن ضمير الشأن ومحله الرفع على الابتداء خبره الجملة بعده ومثلها لايكون لها رابط لانها عين المبتدأ فى المعنى والسر فى تصديرها به التنبه من أول الأمر على فخامة مضمونها مع مافيه من زيادة التحقيق والتقرير فان الضمير لا يفهم من أول الامر الا شأن مبهم له خطر جليل فيبقى الذهن مترقبا لما أمامه مما يفسره ويزيل ابهامه فيتمكن عند وروده له فضل تمكن وقول الشيخ عبد القاهر فى دلائل الاعجاز ان له مع ان حسنا بل لايصح بدونها غير مسلم نعم قال الشهاب القاسمى ان ههنا اشكالا لانه ان جعل الخبر مجموع معنى الجملة المبين فى باب القضية أعنى مجموع الله أحد والنسبة بينهما ففيه ان الظاهر ان ذلك المجموع ليس هو الشأن مضمون الجملة الذى هو مفرد أعنى الوحدانية وان جعل مضمون الجملة الذى هو مفرد فتخصيص عدم الرابط بالجملة المخبر بها عن